[ادع الله أن يجعلني منهم. قال:((أنت منهم)) ثم قام رجل آخر فقال: ادع الله أن يجعلني منهم قال: ((سبقك بها عكاشة)) عكاشة.
نعم ... إن شاهدنا قول عكاشة: ادع الله أن يجعلني منهم قال: ((أنت منهم)) وللبخاري في رواية فقال: ((اللهم اجعله منهم)) ففيه طلب الدعاء من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أي توسل عكاشة بدعاء رسول الله أن يجعله الله من السبعين ألفاً يدخلون الجنة بلا حساب ولا عذاب فدعا له الرسول - صلى الله عليه وسلم - فقال:((اللهم أجعله منهم)) وكذلك قيام الرجل الآخر الذي قال: ادع الله أن يجعلني
منهم فقال له الرسول - صلى الله عليه وسلم - ((سبقك بها عكاشة)) سداً للباب حتى لا يتلاحق الناس بسؤال ذلك منه هذا من جهة ومن جهة أخرى كما قال القرطبي: لم يكن عند الثاني من الأحوال ما كان عند عكاشة فلذلك لم يجبه وقال: ((سبقك بها عكاشة)) وكأن الدعوة لواحد فلما سبق إليها عكاشة كانت له وهذا حسن جواب وحسن خلق منه - صلى الله عليه وسلم - فإن عكاشة هذا كان من السابقين إلى الإسلام هاجر وشهد بدراً وقاتل فيها واستشهد في قتال أهل الردة بقيادة خالد بن الوليد بيد طليحة الأسدي سنة اثنتي عشرة ثم أسلم طليحة الأسدي وجاهد الفرس يوم القادسية مع سعد بن أبي وقاص واستشهد في وقعة الجسر المشهورة.
فقوله - صلى الله عليه وسلم - ((أنت منهم)) أو ((اللهم اجعله منهم)) فضيلة لعكاشة. هذه الفضيلة التي كانت سبباً في أن يكون منهم أو بدعاء رسول الله له كان منهم فعلى كلا الحالين فهم من طلب عكاشة الدعاء ... جواز التوسل بدعاء المؤمن إلى أخيه المؤمن وشرعية ذلك وهذا شيء معروف شرعيته عند الصحابة. فكثيراً ما توسل الصحابة بدعاء رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وكان عليه الصلاة والسلام يدعو لهم ملبياً توسلهم بدعائه وكان القصد من توسل الصحابة بدعائه توقع الاستجابة لدعائه - صلى الله عليه وسلم - فهو ولا شك مستجاب الدعوة ... فقد سأله الأعمى أن يدعو له ليرد الله عليه بصره ففعل ورد بصره وسألته المرأة التي كانت تصرع أن يدعو لها بأن لا تتكشف حين تصرع فدعا لها