ماذا يريد ويبغي منه أيقصد ذات النبي - صلى الله عليه وسلم - أم يريد منه الدعاء إلى الله تعالى أن يعافيه .. ؟
لا شك أن الأعمى قدم إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - من داره من أجل شيء يحرص عليه كل حرص وهو إعادة بصره إليه وإنه أي الأعمى ليعلم علم اليقين أن الرسول - صلى الله عليه وسلم - إذا دعا له الله تعالى أن يعافيه من الضر ... تقبل الله دعاءه وأذن سبحانه بمعافاته في بصره هذا هو الدافع الوحيد الذي دفع بالأعمى للقدوم على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كما أن دليلاً آخر يؤيد ذلك أنه لما وصل إليه - صلى الله عليه وسلم - بادره حالاً قائلاً أدع الله أن يعافيني. إذاً فقد تعين من كلام الأعمى مراده من قدومه على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وإنه ليريد دعاء رسول الله له ... ليعافيه الله من الضر.
ثم فلننظر إلى أثر هذا الطلب - أي طلب الأعمى - في نفس رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من حيث حله أو حرمته أو إمكانه أو عدمه ... فمن أجل التثبيت من ذلك فلنستعد ما أجابه به رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ... أجابه بقوله:((إن شئت دعوت وإن شئت صبرت وهو خير)) أي خيره بين أمرين اثنين وتركه في ذلك إلى مشيئته فإن شاء دعا له وإن شاء صبر على الضر وهذا خير له.
إذاً فهم من جواب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - له أن توسله بطلب الدعاء إلى الله أن يعافيه طلب صحيح ولا غبار عليه وأنه أيضاً في مكنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - تحقيقه له أي بدعائه الله له أن يعافيه ... إنما نبهه إلى شيء خير من ذلك ... وهو صبره على ما قدر الله عليه ... لأن الله أعد للصابرين على قدره في الآخرة أجراً يفوق عودة بصره في الدنيا لكن الأعمى فضل المعافاة وعودة بصره في الدنيا - ما دام ذلك لا يطعن في دينه بشيء - على ما سيكون له في الآخرة إن صبر .. وقال:((فادعه ... )) أي أدع الله أن يعافيني.
ترى ... ما كان موقف رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من طلب الأعمى .. ؟ وبخاصة بعد أن خيره بين الدعاء له أو الصبر على العمى ... ؟ لا سيما وبعد أن