للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

عنهم الإيمان حتى يحكموا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ولم يثبت أنهم حكموا رسول الله ... بل ثبت أنهم حكموا الطاغوت ومن يحكم الطاغوت ليس مؤمناً فقد ثبت عدم إيمانهم فكيف يأتون رسول الله ويستغفرون الله عنده إلى آخره إذا ثبت عدم مجيئهم إلى الرسول من ثبوت عدم إيمانهم .. وهكذا ثبت أنهم لم يجيئوا فكيف تقيسون مجيئكم إليه - صلى الله عليه وسلم - على عدم مجيء فبهذا تقيسون واقعاً على عدم واقع.

وبرغم ما تقدم من تحليل صحيح فإننا نقول أن هذه الآية أي قوله تعالى: (ولو أنهم إذ ظلموا أنفسهم جاءوك تفيد أنهم لو جاءوه واستغفروا الله وسألوه رسول الله أن يستغفر لهم الله لغفر الله لهم ولرحمهم ما في ذلك شك إذاً تفيد الآية أن من فعل ذلك كان له تلك التوبة والرحمة ولكن متى ... ؟ يحصلون على ذلك ولكن إن فعلوا ذلك حال حياته فهل هو الآن حي حتى تذهبوا إليه وتكلموه أن يستغفر لكم الجواب: لا ... لأنه ميت لا يتكلم ولا يستغفر وقد انقطع عمله بموته كما أخبرنا هو - صلى الله عليه وسلم - ... إذاً كيف تقيسون حالة موته على حال حياته ... ؟ هل يستقيم قياس بينهما ... ؟ وإننا علمنا أن ذلك خاص في حياته من قوله تعالى: (واستغفر لهم الرسول) ولا يستغفر إلا إذا كان حياً ففهم أن الأمر خاص به حال حياته فما أظن أحداً يفهم من الآية ما فهمنا ولم يقل بقولكم من أحد من الصحابة ولا التابعين ولا القرون الخيرة ولا أي من العلماء الذي يسيرون على نهج النبوة.

وعلى افتراض أنه بالإمكان استغفار الرسول - صلى الله عليه وسلم - بعد وفاته فليس في الآية ما يدل على دعواكم بجواز التوسل إلى الله بذوات المخلوقين فالآية تدل على التوسل بدعاء الرسول واستغفاره لهم لا على التوسل بذاته وشخصه - صلى الله عليه وسلم - مع العلم أن نزاعنا قائم على جواز التوسل بذوات المخلوقين أو عدم الجواز لا على استغفار الرسول لهم وجوازه أو عدم جوازه إذاً فليس في الآية حجة على شرعية التوسل بذوات المخلوقين وعلى هذا: يسقط أيضاً احتجاجكم بالآية وتبقى دعواكم بلا دليل وكل دعوى بلا دليل ساقطة ولا قيمة لها وهذا الافتراض الذي افترضناه انقطع بوفاته - صلى الله عليه وسلم - ولم يعد حكمه قائماً لانتفاء حياة الرسول

<<  <   >  >>