للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

(إياك نعبد وإياك نستعين) قال: هذا بيني وبين عبدي ولعبدي ما سأل فإذا قال: (اهدنا الصراط المستقيم صراط الذين أنعمت عليهم غير المغضوب عليهم ولا الضالين) قال الله: هذا لعبدي ولعبدي ما سأل]

فقوله تعالى: ((قسمت الصلاة بيني وبين عبدي نصفين)) أي قسم سورة الفاتحة نصفين نصف له سبحانه وتعالى وهو قوله تعالى في النصف الأول:

(الحمد لله رب العالمين الرحمن الرحيم مالك يوم الدين إياك نعبد وإياك نستعين) أي هذا النصف الأول هو لله تعالى وذلك لأن العبد حمد الله تعالى وأثنى عليه بحمده وحصر العبادة والاستعانة فيه وحده لا شريك له.

فأما الحمد فهو خالص دون كل ما برأ من خلقه على النعم الظاهرة والباطنة فاستغرق جميع أنواع الحمد وصنوفه لله تعالى وهذا الحمد إنما هو عمل صالح من العبد فلما حمده كان حمده هذا من أجل الأعمال الصالحة وأي عمل صالح أعظم من حمد رب العالمين المالك المتصرف في كل ما خلق في جميع عوالم السماوات والأرض وما بينهما على اختلاف أجناس هذه المخلوقات وأصنافهم مما نعلم وما لا نعلم وما الله به أعلم. فلا شك أنه الحمد الذي استغرق جميع أنواع الحمد لله سبحانه ولا ريب أنه من أجل أنواع الأعمال الصالحة.

ثم أثنى العبد على ربه باسميه: (الرحمن الرحيم) المشتقين من صفة الرحمة التي هي صفة له جل وعلا هذه الرحمة عامة لجميع خلقه. وإنما وصف الله نفسه بالرحمن الرحيم بعد قوله: (رب العالمين) ليكون من باب بعد الترهيب فـ (الرحمن الرحيم) فيه ترغيب جاء من بعد ( ... رب العالمين) الذي فيه ترهيب وذلك مطابق للآية: (نبئ عبادي أني أنا الغفور الرحيم وأن عذابي هو العذاب الأليم) ٤٩ - الحجر

ثم مجد العبد ربه فقال: (مالك يوم الدين) أي أنه تعالى وحده المالك يوم القيامة لا يملك معه أحد ذلك اليوم كملكهم في الدنيا إذ يجوز في الدنيا أن يقول أحد ما: هذا ملكي .. هذا ما لي ... أما يوم القيامة، ليس لأحد ملك ولا مال ولما قدموا على خالقهم .. لم يقدموا عليه بأموال ولا أملاك

<<  <   >  >>