للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

من قوله تعالى: ( .. وإن تبدو ما في أنفسكم أو تخفوه يحاسبكم به الله) بقوله تعالى: (لا يكلف الله نفساً إلا وسعها لها ما كسبت وعليها ما اكتسبت).

وهذا لا شك تخفيف عن عباده فهو الذي خلقهم وهو الذي يعلم تحملهم إنما أنزل الآية الأولى اختباراً لهم ... أيقولون سمعنا وأطعنا أم يقولون: سمعنا وعصينا؟ وهو ولا شك أعلم بما سيقولون قبل إنزال الآية ... ولكنه أنزلها حتى تكون سبباً في تعليمهم ماذا يقولون ... وهكذا كان ... فعلمهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا أرادوا أن يرفعوا دعاء للرب تبارك وتعالى أن يقدموا بين يدي دعائهم توسلاً بالعمل الصالح ففعلوا ... فنسخ الله آية الاختبار بآية التكليف بالوسع وأنه لا يثيب أحداً إلا بما كسبه من عمل صالح ولا يعاقبه إلا بما يجترحه من العمل السيء وهذا هو الفضل والعدل. (لا يكلف الله نفساً إلا وسعها لها ما كسبت وعليها ما اكتسبت) ثم شرع الله تعالى يعلم عباده كيف يتضرعون إليه عز وجل فقال عز من قائل: (ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا ربنا ولا تحمل علينا إصراً كما حملته على الذين من قبلنا ربنا ولا تحملنا مالا طاقة لنا به واعف عنا واغفر لنا وارحمنا أنت مولانا فانصرنا على القوم الكافرين).

وفي هذه المناسبة الجليلة أذكرك يا أخي المسلم أن هذه الآيات هي خواتيم سورة البقرة التي عناها - صلى الله عليه وسلم - بقوله: [أعطيت خواتيم سورة البقرة من كنز تحت العرش] رواه أحمد عن أبي ذر.

والخلاصة فإنه يتضح مما تقدم كيف يعلم الله ورسوله المؤمنين الدعاء وأياً من الدعاء يكون مستجاباً ... وهو الذي سبقه توسل إلى الله تعالى بالأعمال الصالحة من السمع والطاعة والتوبة إليه سبحانه. ثم يلفت أنظارنا إلى أن الدعاء المستوفى في شروط القبول، يكون مقبولاً وأحياناً يقبل فوراً .. فما علينا نحن المسلمين لو تمسكنا بهدي الله رسوله - صلى الله عليه وسلم - وتقيدنا بتعاليمهما التقيد التام طالما نعتقد أنه لا مجيب للدعاء إلا هو سبحانه ونتمسك حرفياً بما أنزل دون أن نجتهد في أمره .. ! ويؤدي بنا هذا الاجتهاد إلى نسخ أمره

<<  <   >  >>