لأقوامهم والوسط هاهنا: الخيار وقد جعل الله أمة محمد وسطاً لما خصها بأكمل الشرائع وأقوم المناهج وأوضح المذاهب.
روى الإمام أحمد عن أبي سعيد الخدري قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: [يدعى نوح يوم القيامة فيقال له: هل بلغت؟ فيقول: نعم فيدعى قومه فيقال لهم: هل بلغكم؟ فيقولون: ما أتانا من نذير من أحد فيقال لنوح من يشهد لك فيقول: محمد وأمته قال: فذلك قوله: (وكذلك جعلناكم أمة وسطاً) قال: الوسط: العدل فتدعون فتشهدون له بالبلاغ ثم أشهد عليكم] رواه البخاري والترمذي والنسائي وابن ماجه من طريق عن الأعمش ومن حديث لأحمد عن أبي سعيد الخدري: فيدعي محمد وأمته فيقال لهم: هل بلغ هذا قومه؟ فيقولون: نعم، فيقال: وما علمكم؟ فيقولون: جاءنا نبينا فأخبرنا أن الرسل قد بلغوا قوله عز وجل: (وكذلك جعلناكم أمة وسطاً)]
أخي القارئ المسلم الكريم: وضعت أمامك تفسيراً مقتضباً للآيتين المتقدمتين لتأخذ فكرة عامة عن معناهما ثم أشرع في توضيح الشاهد منها في بحثنا وموضوعنا الذي نحن بصدد تحقيقه:
لنعد قليلاً إلى الآية:(فلما أحس عيسى منهم الكفر قال من أنصاري إلى الله قال الحواريون نحن أنصار الله آمنا به واشهد بأنا مسلمون). إن قول الحواريين: نحن أنصار الله آمنا به) ألا ترى يا أخي في قولهم عملاً صالحاً .. ؟ أجل إنه عمل صالح. وما قولك يا أخي بنصرة الله ورسوله والإيمان بهما ... ؟ فإذا لم يكن ذلك عملاً صالحاً فأين هو العمل الصالح .. ؟ لا شك ولا ريب في أنه عمل صالح بل هو رأس العمل الصالح وأساسه أيضاً. ودليلنا قولهم لرسولهم:(واشهد بأنا مسلمون) أي واشهد على إيماننا وإسلامنا فشهادة رسولهم لهم بذلك هي شهادة حق بإيمانهم وإسلامهم وصدقهم في قولهم: (نحن أنصار الله آمنا به واشهد بأنا مسلمون) ثم توجهوا إلى ربهم سبحانه وقالوا: (ربنا آمنا بما أنزلت وتبعنا الرسول فاكتبنا مع الشاهدين) الذي يشهدون لعيسى بن مريم عليه الصلاة والسلام - في جملة ما يشهدون للأنبياء -