وإنك لترى يا أخي ... أنهم ما دعوا الله بهذا الدعاء ... وإلا وقدموا بين يدي دعائهم توسلاً بإيمانهم بعبده ورسوله المسيح عيسى بن مريم عليه الصلاة والسلام وبما أنزل عليه من الإنجيل وبما اتبعوا به هذا الرسول الكريم فيما دعاهم إليه من أمر ونهي وكل ما تقدم إنما هو توسلات بأعمالهم الصالحة الخالصة لوجهه تعالى. ثم عقبوا على ذلك بدعائهم قائلين:(فاكتبنا مع الشاهدين) أي بسبب ما آمنا بك وبعبدك ورسولك المسيح عيسى بن مريم صلوات الله عليه وسلامه وبالإنجيل الذي أنزلته عليه وباتباعنا له فيما أمر ونهى ... اكتبنا مع الشاهدين.
ولعلك أدركت يا أخي ... أن الأنبياء والرسل جميعاً على منهج واحد في التوسل إليه تعالى فلم يخبرنا الله أن أحداً منهم توسل إليه بأحد الأنبياء الذين سبقوهم ولا توسلوا إليه بملائكته ولا بأحد من خلقه ... بل توسلوا إليه بما شرع لهم من التوسل الذي يرضى عنه بل وأمر به عباده جميعاً.
فإذا كان الأمر كذلك ... ونعلم أن الأنبياء والرسل وأعمال أصحابهم الذين اهتدوا بهديهم هي أحسن أعمال قاطبة فما علينا إلا أن نتخذ لنا من أعمالهم وسيرتهم الحسنة الطيبة نبراساً لنا وهدي نسير على أساسه في كل أمورنا ... أفلا يكفينا ما كفى أولئك المصطفين من الناس وهم خيار الخيار وصفوة الخلق.
ولهذا فإن الله خصنا على ذلك ... لنقتفي آثارهم ونتعقب خطاهم ونسلك ما سلكوه من الهدي والحق والخير وإنا إن شاء الله لفاعلون.