منك وإنك أنت الذي أرسلته للناس كافة ليخرجهم من الظلمات إلى النور واتبعناه فإنه هو الصادق الأمين.
قف هنا يا أخي المسلم الكريم وتأمل قوله تعالى على لسان عباده أولي الألباب (فآمنا) كم هذه اللفظة خفيفة على اللسان وكم هي ثقيلة في الميزان .. ؟ وانظر ضخامة معناها ... إنه الإيمان بالله وملائكته وكتبه ورسله وباليوم الآخر وبالقدر خيره وشره والإيمان بكل ما حوى كتاب الله دخل القلوب وملأها وتخلل شغافها واستقر بها وفاضت من هذه القلوب النابضة آثار هذا الإيمان على الجوارح فعملت بكل ما يرضي الله تعالى وطبقت كل ما أمر .. وانتهت عما يسخطه وما عنه زجر ... ثم علم أولو الألباب كم هي منزلة هذا الإيمان عند رب الأرباب فتقدموا بهذا الإيمان إليه تعالى متوسلين به عنده وكل ذلك فهمناه من هذه (الفاء) من قوله تعالى: (ربنا فاغفر لنا ذنوبنا وكفر عنا سيئاتنا وتوفنا مع الأبرار) أي بسبب استجابتنا لنداء رسولك وإيماننا بما دعانا من الحق والخير والهدى، اللهم اغفر لنا ذنوبنا وامح عنا سيئاتنا واقبضنا إليك مرحومين مغفوراً لنا وألحقنا بالصالحين الأبرار الذين بروا بما وعدوا من الاستقامة على هذا الإيمان إلى أن قبضتهم إليك وأنت راض عنهم. (وآتنا ما وعدتنا على رسلك ولا تخزنا يوم القيامة إنك لا تخلف الميعاد) وهنا واصلوا دعاءهم بأن ينيلهم ما وعدهم على لسان الرسول وألسنة الرسل من قبله ... من المغفرة والرضوان والجنة ... متأكدين وموقنين ومطمئنين إلى أنه تعالى سيبر بوعده ولا شك لأنه ليس من صفاته العلى الإخلاف بما وعد فلا أحد أوفى بعهده من الله تعالى.
فما ظنك يا أخي بالله الذي سمع توسلات عباده التوسلات التي يرضى عنها وهي التي أمرهم بها ... هؤلاء العباد الطائعين المؤمنين حقاً ... أيستجيب دعاءهم أم لا ... ؟ لا شك أنك ستقول: بل سيستجيب لهم دعاءهم ولا شك. ولذا جاء قوله تعالى طبق عبده المؤمن به فقال عز من قائل: (فاستجاب لهم ربهم أني لا أضيع عمل عامل منكم من ذكر أو أثنى بعضكم من بعض فالذين