ومات الرجل من أثر وكزة موسى نفهم أنه عليه السلام لم يكن في نيته قتل الرجل ... لكنه قتل قضاءاً وقدراً ... وعلى كل فإن القتل صدر عن موسى عليه السلام خطأ .. وفي هذا ولا شك ذنب يقتضي الاستغفار لأنه ظلم نفسه بقتل الرجل وإن لم يكن عن قصد ... (قال ربي إني ظلمت نفسي فاغفر لي فغفر له إنه هو الغفور الرحيم).
إن اعتراف موسى عليه السلام بأنه ظلم نفسه بقتله القبطي ... أجل إن هذا الاعتراف منه عمل صالح أراد أن يتوسل به موسى إلى ربه ليغفر له ذنبه وإن كان فعله له خطأ ... فإنه - على كل - ذنب يستلزم التوبة منه ولما أراد أن تكون التوبة منه مقبولة عند الله ليحصل على المغفرة منه قدم بين يدي توبته ودعائه واستغفاره عملاً صالحاً يصلح أن يكون سبباً شرعياً عند الله لقبوا التوبة وحصول المغفرة فاعترف بذنبه بأنه ظلم نفسه بهذا العمل الذي وقع منه ولو خطأ ... فقدم هذا الاعتراف وسيلة للمغفرة ... فتقبل الله منه ... وكان اعترافه عملاً صالحاً مقبولاً ... وأهلاً عند الله لأن يغفر الله له به (فغفر له) أي قبل توسله ومن قبول الله لتوسله فهم أن الاعتراف بالذنب عمل صالح يصلح لأن يكون وسيلة إليه تعالى وقربى منه وفهم أيضاً أن التوبة عند الله ترجح على الذنب وأن الاعتراف والندم توبة إليه تعالى مقبولة.
ونود أن لا نغادر هذا الفصل ... قبل أن نتوقف - ولو قليلاً - عند الآية التي قبلها .. عند قوله تعالى:(فاستغاثه الذي من شيعته على الذي من عدوه .. ) هذه الآية التي يستدل بها بعض الناس ... على جواز الاستغاثة بغير الله ... ولا يحسبن القارئ الكريم أننا شذذنا عن البحث عندما ننتقل من بحث التوسل إلى الاستغاثة فأقول: لالا .. إننا لم نشذ عن البحث إنما نحن في صميمه ويجب علينا معالجته في مناسبته ... أخي القارئ المسلم الحبيب: تذكر أننا عندما نقول لأحد من الذين يجوزون الاستغاثة بغير الله ... يا أخي ... إياك أن تستغيث أو تدع أحداً أمامك ...