الله تعالى وسيلة بين يدي دعائهم إليه فلم يدعوا إلا أن قالوا (على الله توكلنا) مستحضرين المعنيين السابقين ودعوا: (ربنا لا تجعلنا فتنة للقوم الظالمين) أي لا تنصرهم علينا فيظنوا أنهم إنما نصروا لأنهم على الحق ونحن على الباطل فيفتنوا بذلك ... ويفتن المؤمنون بدينهم.
فانظر يا أخي المسلم أن مؤمني قوم موسى توسلوا - بأمر نبيهم عن أمر الله - بأعمالهم الصالحة التي هي طاعتهم لنبيهم وتوكلهم على ربهم وجعلوها قربات إليه بين يدي دعائهم ثم دعوا الله ألا يجعلهم فتنة لعدوهم ولا فتنة لأنفسهم ... هكذا علمهم نبيهم ورسوله عبد الله موسى عليه الصلاة والسلام الذي ما ينطق عن الهوى ... فإنه هو وسائر الأنبياء والرسل عليهم أفضل الصلاة وأتم التسليم وأذكى التحية إنما يوحى إليهم ... فلا يقولون شيئاً استقلالاً من عند أنفسهم بل إنما هو الوحي الإلهي ... يتنزل عليهم منه سبحانه وتعالى وتبارك وتقدس.
فمن هذا ... نعلم أن موسى عليه الصلاة والسلام لما قال لهم:( ... إن كنتم آمنتم بالله فعليه توكلوا إن كنتم مسلمين) ما قاله من عند نفسه، إنما بوحي وأمر وتعليم من الله تعالى.
إن قوم موسى عليه الصلاة والسلام استجابوا لأمر نبيهم فتوكلوا على الله سبحانه ودعوا متوسلين إليه تعالى باستجابة أمر نبيهم وطاعتهم له وبتوكلهم الفعلي على ربهم تبارك وتعالى أن ينصرهم على عدوهم ولا ينصر عدوهم عليهم.
فما ظنك يا أخي المسلم ... ما ظنك بالله تعالى .. ؟ أتراه سبحانه يستجيب دعاءهم وينصرهم على أعدائهم ... ؟ أم أنه لا يفعل ... !!! لا بل أنه سيفعل ويستجيب ... وإنه قد استجاب ... إنه هو السميع المجيب.
نعم نعم ... إنه قد استجاب دعاءهم ... ونصرهم على عدوهم نصراً عزيزاً مؤزراً وحسبهم من هذا النصر المحجل المبين ... أنه لم ينجهم من فرعون وأسره وإذلاله ومن اضطهاده لهم فحسب ... بل أغرق لهم عدوهم فرعون