إنها تولّد الثقة بهذا القرآن، وتمنحه توثيقا جليلا، يحفظه من التغيير والتحريف، فيصل سالما إلى الناس، لا ترتاب نحوه القلوب، ولا تضطرب.
وعليه فقد اهتم المسلمون بمعرفة العهدين، وورّثوه لمن جاء بعدهم، حتى وصل بهم الأمر أن دقّقوا في الأماكن تدقيقا عجبا.
فحدّدوا ما نزل شتاء، وما نزل صيفا، وما نزل بالحضر، وما نزل بالسفر، وما نزل بالسماء، وما نزل بالأرض، وغير ذلك كثير.
وهذه الفائدة يتناوبها الزمان والمكان معا، واهتمام الصحابة رضي الله عنهم بتفاصيل النزول إلى هذا الحد، ليدلّ على مدى إيمانهم وحرصهم على قرآنهم.
[طريق معرفته]
ثم إنّ معرفة الطريق الموصلة إليه لأهمّ منه، وإذ لا سبيل إلى معرفته إلّا من وحي مثله، فهل من مصدر آخر؟
أجل. إنهم رجال الرّعيل الأول، ومن أخذ عنهم من التابعين، وذلك لأنه لم يرد عن النبيّ صلى الله عليه وسلم بيان في تحديد المكي أو المدني، لكننا نستأنس من مشاهدات الصحابة، ونتف من إشاراتهم فيه، وحسبهم أنهم