وقوله:{آيَاتُ الْكِتَابِ} الآيَات جمع آيةٍ، وهي فِي اللُّغة: العَلامَة، والمُراد بِهَا هنا العَلامَةُ الدالَّةُ عَلَى منزِّل هَذَا القُرآنِ، وَهُوَ الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى.
إذن كلُّ آيةٍ منْ هَذِهِ الآيَاتِ فيها إعجازٌ؛ لِأَنَّهُ لو لم يكنْ فيها إعجازٌ لم تكنْ آيةً؛ لِأَنَّ الآيةَ العَلامَةُ الفارقةُ، ولا يكون القُرآن عَلامَةً فارقةً بينه وبين كَلامِ الآدميِّين إلا إذا كَانَ مُعْجِزًا.
قَالَ المُفَسِّر رَحِمَهُ اللَّهُ: [{الْمُبِينِ} المُظْهِر الحَقّ من الباطِل]، وأحيانًا يفسِّرون المُبِينَ بالبَيِّن، قال تعالى:{فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّكَ عَلَى الْحَقِّ الْمُبِينِ}[النمل: ٧٩]، يعني: البيِّن الواضِح؛ وذلك لِأَنَّ أبَانَ تُستعمل قاصرةً ومُتَعَدِّيَةً، يعني: فتستعمل قاصرةً: بَانَ الشَّيْءُ وأبانَ الشَّيْءُ، وتُسْتَعْمَل مُتَعَدِّيَةً، فيُقال: أبنتُ الحقَّ، يعني: أظهرته، فالمبين إذا فُسِّرَتْ بالبَيِّن فمعناه أن السِّياق لا يَقتضي سوى ذلك، فتكون منَ اللازم، فإذا كَانَ المعنَى يَحتمِل أن تكونَ من المتعدِّي - يعني: بمَعْنى مُظْهِر - وجبَ أنْ تُفَسَّرَ به؛ لِأَنَّ تفسيرها بالمُظْهِر يَشْمَل أو يَتَضَمَّن تَفسيرها بالبَيِّن؛ إذِ المُبِين معناه: بيِّنٌ بنفسِهِ، مُبِينٌ لِغَيْرِهِ، خلاف البيِّن بنفسه فقد لا يُبين غيرَه.