قال:{فَأْتِيَا فِرْعَوْنَ}، وقال قبلها: {أَنِ ائْتِ الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ (١٠) قَوْمَ فِرْعَوْنَ} [الشعراء: ١٠ - ١١]، فدلَّ ذلك عَلَى أنَّ القومَ والآلَ إذا أُضيفت إِلَى الشخصِ فَإِنَّهُ يدخلُ معَ مَن أُضِيفَ لهم، فقوله:{أَدْخِلُوا آلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذَابِ}[غافر: ٤٦]، لا يدلُّ عَلَى نجاةِ فِرْعَوْن؛ لقولِه:{يَقْدُمُ قَوْمَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَأَوْرَدَهُمُ النَّارَ}[هود: ٩٨]، فهو أَوَّلهُم، وهنا أيضًا {أَنِ ائْتِ الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ} ثم قَالَ: {فَأْتِيَا فِرْعَوْنَ} ممَّا يدلُّ عَلَى أن القومَ إذا أُضيفت فأوَّل ما يدخل فيها مَن أُضيفت له، ما لم يَمْنَعْ مِن ذلك مانعٌ حِسّيّ كمَوْتِهِ مثلًا، فإذا مات لم تَعُدْ توجد فائدة، لكن إذا كَانَ موْجودًا فهو أوَّل مَن يدخل فِي قومه.
قال تعالى:{فَأْتِيَا فِرْعَوْنَ فَقُولَا إِنَّا رَسُولُ رَبِّ الْعَالَمِينَ} ولم يُبَيِّن اللهُ تعالى صفةَ القولِ، بل بَيَّنَ هنا المَقُولَ، لكنَّه بيَّن فِي آية فِي سُورَة طه:{فَقُولَا لَهُ قَوْلًا لَيِّنًا لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى}[طه: ٤٤]، فأمر مُوسى وهارون بأنْ يقولا: إنهما رسول من اللهِ، وذلك بلهجةٍ ليِّنةٍ لا بِلهجةٍ قاسيةٍ؛ لِأَنَّ القاسيَ إذا قُوبِلَ بلهجةٍ قاسيةٍ قَسَا أكثرَ، فإذا قُوبلَ بلهجةٍ ليِّنةٍ اجتمع ليّن وقاسٍ، فلا يحصل الصدامُ والإصطدامُ بينهما، وهذا منَ الحكمةِ فِي الدعوةِ، أمَّا الْإِنْسَان إذا كَانَ عاتيًا جبارًا فلا ينبغي أن يُقابَلَ