قال اللهُ تعالَى مُبِّينًا دليلًا واضحًا عَلَى آياتِه:{أَوَلَمْ يَرَوْا إِلَى الْأَرْضِ كَمْ أَنْبَتْنَا فِيهَا مِنْ كُلِّ زَوْجٍ كَرِيمٍ}، يقول المُفسِّر رَحِمَهُ اللَّهُ: [{أَوَلَمْ يَرَوْا} ينظروا {إِلَى الْأَرْضِ كَمْ أَنْبَتْنَا فِيهَا} أي: كثيرًا {مِنْ كُلِّ زَوْجٍ كَرِيمٍ} نَوْعٍ حَسَنٍ]. {أَوَلَمْ يَرَوْا} يعني: هَؤُلَاءِ المكذِّبُون. و {يَرَوْا} يقول المُفسَّر: (ينظروا)، فجعلها من الرُّؤْيَة الحِسِّيَّة، لا من الرؤية العِلمية، ولكن نقول: إنها تَحتمِل المعنيينِ؛ الرؤية الحِسِّيَّة: إذا نظر بعينه هو، والعلميَّة: إذا علِم بذلك من غَيْرِهِ؛ لِأَنَّ هناك أشياءَ لا نَعْلَمُها ممَّا يَنْبُتُ فِي الأرضِ، يعني: لا نراها ولكنَّنا نُخبَر بها، فالأَوْلَى أن يُقالَ: إنه شاملٌ للنظرِ بالعَيْنِ، والنظرِ بالقلبِ الَّذِي هُوَ العِلْمُ.
قال تعالى:{إِلَى الْأَرْضِ كَمْ أَنْبَتْنَا} يقول المُفسِّر: (أي كثيرًا)، و (كثيرًا) هَذِهِ تفسيرٌ لـ (كم)، يعني أن (كم) هنا تكثيريَّة، المَعْنى: كثيرًا أَنبتنا فيها، مثل قوله تعالَى:{كَمْ مِنْ فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإِذْنِ اللَّهِ وَاللَّهُ مَعَ الصَّابِرِينَ}[البقرة: ٢٤٩]، أي: كثيرًا تَغْلِب الفئةُ القليلةُ الفئةَ الكثيرةَ.
وقوله:{كَمْ أَنْبَتْنَا فِيهَا مِنْ كُلِّ زَوْجٍ كَرِيمٍ} أضافَ الإنباتَ إليه تَبَارَكَ وَتَعَالَى لِأَنَّهُ هُوَ الفاعل حقيقةً، وإذا أُضيفَ الإنباتُ إِلَى المطرِ فإنَّما ذلك لِأَنَّهُ سببٌ.