قد يكون ما قاله المُفَسِّر حقًّا من أنَّ هذا ردٌّ لقولِ المشركينَ، وقد يكونُ هذا من تكميلِ قَوْلهِ: {وَإِنَّهُ لَتَنْزِيلُ رَبِّ الْعَالَمِينَ (١٩٢) نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ} [الشعراء: ١٩٢ - ١٩٣]، فقال:{وَمَا تَنَزَّلَتْ بِهِ} أي: [بالقُرآنِ {الشَّيَاطِينُ (٢١٠) وَمَا يَنْبَغِي} يصلح {لَهُمْ} أن ينزلوا به، {وَمَا يَسْتَطِيعُونَ} ذلك]، أي أن الشياطينُ ما تنزلتْ بالقُرآنِ، بخِلاف أقوالِ الكهَّان، فإن الشياطينَ تَنَزَّلَتْ بها، أمَّا القُرآنُ فما تنزلَّتْ به الشياطين.
ثم قال:{وَمَا يَنْبَغِي لَهُمْ} يَعْنِي ما يَليق أبدًا أن يَنزِلوا به، ثم قال:{وَمَا يَسْتَطِيعُونَ}، وهذا تدرُّج، يَعْنِي ما يمكِن أن ينزِلوا بالقُرآنِ.
فهو أوَّلًا قال: إنَّهم ما نَزَلوا، وكونهم ما نَزلوا ما يدلُّ على أنَّ هذا غيرُ لائقٍ بهم، ثم إنه غير مُمْكِن في حَقِّهم. فهذا فيه ترتيبٌ:
أوَّلًا:{وَمَا تَنَزَّلَتْ بِهِ} نفيٌ لِتَنَزُّلهِم به، لكن لا يَنفي أن يكونَ مُمْكِنًا في حقِّهم،