ويَحتمِل أَنَّهَا جَهْلُ البَيَانِ، يعني: لَيْسَ فصيحًا فِي خِطابه وبيانِه وإقناعِه، لكن الأوَّل أَولى، وأنها عُقدة معنويَّة، وذلك بصفةِ الكَلامِ، بحيثُ لا تَتَبَيَّن الحروفُ فِي كَلامِهِ؛ إما لِعَجَلَتِهِ، وإما لِلُثْغَتِهِ، أو غير ذلك.
قَالَ المُفَسِّر رَحِمَهُ اللَّهُ: [{فَأَرْسِلْ إِلَى} أخي {هَارُونَ} معي]، أرسل إليه يعني: ابعثْ له بالرِّسالَةِ؛ حَتَّى يكونَ مُعِينًا ووزيرًا له، وقد قيلَ: إنه لا يوجدُ أحدٌ أشدّ مِنّةً عَلَى أخيه من مُوسَى عَلَى أخيه هارونَ؛ لِأَنَّهُ طلبَ أَن يكونَ أخوه فِي المقامِ الأعلى من مَقاماتِ بني آدمَ الَّذين أنعمَ اللهُ عليهم، وهي الرِّسالَةُ.
فَوَائِدُ الآيَةِ الْكَرِيمَةِ:
الْفَائِدَةُ الْأُولَى: فِي الآيةِ دليلٌ عَلَى جوازِ بيانِ الْإِنْسَانِ حالَه إذا لم يَقْصِدْ بِهِ الشكوَى؛ لقولِهِ:{وَيَضِيقُ صَدْرِي وَلَا يَنْطَلِقُ لِسَانِي}، فإنَّ هَذَا وصفٌ له فِي الضعفِ، وعدم التحمُّل نفسيًّا بضِيق الصَّدرِ، وعدم الكَلام المتقَن؛ لكونِهِ لا يَنطلِق لِسانُه.
الْفَائِدَةُ الثَّانِيَةُ: فِي الآيةِ دليلٌ عَلَى جوازِ ذِكْر الوسائلِ الَّتِي تَسْتَوْجِب القَبولَ فِي الدُّعاء؛ حيث ذكر معلوماتٍ كثيرةً بكونِه يَضيق صدرُه ولا يَنطلِق لسانُه، وهذا من باب التوسُّل الزائد، فذِكر حالِه من الوسائلِ الَّتِي تَستوجِب قَبُولَ دُعائِهِ.