قَالَ المُفَسِّر رَحِمَهُ اللَّهُ:{فَلَمَّا تَرَاءَى الْجَمْعَانِ} رأى كلٌّ مِنهما الآخرَ]، والمُرادُ بهما جَمْعُ مُوسَى وجَمْعُ فِرْعَوْنَ [{قَالَ أَصْحَابُ مُوسَى إِنَّا لَمُدْرَكُونَ} يُدْرِكُنا جَمْعُ فِرْعَوْنَ، ولا طاقةَ لنا به].
قال:{إِنَّا لَمُدْرَكُونَ} أكَّدوا الإدراكَ بـ (إنّ) واللامِ، يعني: مُدْرَكُون يَقينًا؛ وذلك لِأَنَّ البحرَ أمامَهم وآلَ فِرْعَوْنَ خَلْفَهم، فلا بدَّ أنْ يُدْرِكُوهم، فأينَ يَذْهَبُون؟ فليسَ أمامَهم إلَّا البحر؛ إنْ خاضوا البحرَ غَرِقُوا، وهم لنْ يَخُوضُوه بِحَسَبِ اعتقادِهِمْ فِي تلكَ الساعةِ؛ لأنَّهم لا يَعْلَمُون بالأمرِ، فهم لنْ يَخُوضوا البحرَ، فما بَقِيَ إلَّا أنْ يُدْرِكَهُمْ آلُ فِرْعَوْنَ.
ولهذا قالوا:{إِنَّا لَمُدْرَكُونَ} بالجُملةِ الإسْميَّةِ المؤكَّدة بـ (إنّ) واللامِ، ولكن مُوسَى أجابَهُم بقولِهِ:{كَلَّا} قَالَ المُفَسِّر رَحِمَهُ اللَّهُ: [أي: لن يُدْرِكُونا]، قال ذلك مُوسَى إيمانًا باللهِ تعالى، وثِقَةً بوعدِهِ، وأنه سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى ما أمرهم بالخروجِ إلّا لِيَحْمِيَهُمْ مِن فِرْعَوْن وآلِهِ.