قَالَ المُفَسِّر رَحِمَهُ اللَّهُ: [{وَإِنَّا لَجَمِيعٌ حَاذِرُونَ} متيقِّظون، وفي قِراءَةٍ:"حَاذِرُونَ"(١) مُسْتَعِدُّون]، بدأ بنفسه، وأخبر أَنَّهُ هُوَ وقومه حَذِرون، أو "حَاذِرُونَ"، واجتماع القراءتينِ يفيد المعنيينِ جميعًا، أي: إننا متيقِّظون، ولِتَيَقُّظِنَا كنَّا مستعدينَ، فهاتان القراءتانِ تفيدانِ معنيينِ: المَعْنى الأول: التيقُّظ، وَهُوَ استعدادٌ نفسيٌّ، والمَعْنى الثَّاني: الإستعدادُ الحِسِّي؛ لقوله:(حَاذِرُونَ)؛ لِأَنَّ الحاذرَ اسْمُ فاعلٍ، وَهُوَ الَّذِي فعلَ ما يَحْذَرُ به، وَهُوَ الإستعداد فقط.
فَإِنْ قِيلَ: ألا تشمل (حَاذِرُونَ) كلا المعنيينِ؟
فالجَواب: لا؛ لِأَنَّ الْإِنْسَانَ قد يَسْتَعِدّ ويُحْسِن الإعدادَ والأجهزةَ لكن لا يكونُ مُتَيَقِّظًا، فقد يستعدّ ولا يَتَيَقَّظ. أليس أهل مِصْر فِي حربِ الأيَّام الستَّة كانوا مُسْتَعِدِّينَ، ولكنَّهم ليسوا مُتَيَقِّظِينَ، فالطائراتُ قد ملأتِ المطارَ والدعايات من الإذاعات كثيرةٌ جدًّا، ومع ذلكَ لعدمِ تَيَقُّظِهِمْ قُضِيَ عليهم، فلا بدَّ مِنِ استعدادٍ وتَيَقُّظٍ.