يُكْثِرُ اللهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى فِي القُرآنِ الكريمِ مِن ذِكْرِ قِصَّة مُوسَى، وما جَرَى له معَ فِرْعَوْن ومعَ بني إِسْرَائِيلَ؛ وذلك ليستعدَّ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - لليَهُودِ الَّذين فِي المدينةِ؛ حَتَّى يَعرِفَ مِن أَمْرِهِم ما لم يكنْ معروفًا عندَه، ولهذا كَانَ الرسول عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ إذا بَعَثَ أحدًا أَخبره بكَلامِ اليَهودِ له، ثم قال لمعاذٍ:"إِنَّكَ سَتَأْتِي قَوْمًا أَهْلَ كِتَابٍ"(١)؛ لِيَسْتَعِدَّ لهم، وقد كرَّر الله تعالى قِصّة مُوسَى مختصرةً ومبسوطةً لهذا الغرضِ؛ لِيُبَيِّنَ حالَ هَؤُلَاءِ اليَهودِ الَّذين هم من سكَّان دار الهِجرة.
وقد بدأ الله تعالى بذِكر قصصِ الأَنْبياءِ مقدِّمًا ذِكْرَ قصة مُوسَى؛ لِطُولها ولأهميتها بالنِّسبةِ لنبيِّه - صلى الله عليه وسلم - فقال:{وَإِذْ نَادَى رَبُّكَ مُوسَى أَنِ ائْتِ الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ}؛ (إذ) هَذِهِ ظرفٌ، عاملُها محذوفٌ تقديرُه ما قَدَّرَهُ المُفسِّر: [{وَ} اذْكُرْ يا محمدُ لقومِكَ {وَإِذْ نَادَى رَبُّكَ مُوسَى} ليلةَ رَأَى النارَ والشَّجرةَ ... ]، إِلَى آخِرِهِ.
(١) أخرجه البخاري: كتاب الزكاة، باب أخذ الصدقة من الأغنياء وترد فِي الفقراء حيث كانوا، رقم (١٤٩٦)، ومسلم: كتاب الإيمان، باب الدعاء إِلَى الشهادتين وشرائع الإسلام، رقم (١٩).