قَالَ المُفَسِّر رَحِمَهُ اللَّهُ: [{قَالَ} فِرْعَوْن {لِمَنْ حَوْلَهُ} مِن أشرافِ قومِه: {أَلَا تَسْتَمِعُونَ} جَوابَه الَّذِي لم يُطابِقِ السُّؤالَ]، وهذا غريب! فالإسْتِفهامُ هنا للتهكُّم بلا شكّ، يعني: ألَا تَستمعونَ إِلَى هَذَا الَّذِي زَعَمَ أنّ ربَّ العالمَينَ ربُّ السماواتِ والأرضِ، والواقع - على حَسَب زَعْمِه - أنّ ربّ العالمينَ هُوَ فِرْعَوْن، فهو يَتَهَكَّم به، يقول: استمعوا إِلَى هَذَا يقول: إن ربَّ العالمينَ ربُّ السماواتِ والأرضِ وما بَينَهما. فيكون عَلَى هَذَا خاطئًا فِي تَهَكُّمِهِ، وقصدُه بهذا حقيقةً التهويلُ، وتحطيمُ مُوسَى عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ، وبيانُ أنَّ ما جاء بِهِ لَيْسَ بصوابٍ، أمَّا عَلَى رأيِ المُفسِّر فجَوابُه لم يُطابِقِ السُّؤالَ، ولو كَانَ الأمرُ كذلك لكانَ فِرْعَوْن مُحِقًّا فِي اعتراضِهِ؛ لِأَنَّ كلَّ أحدٍ إذا عرفَ أن الْإِنْسَان أجابَ بغيرِ ما سُئل عنه فمَعْنى ذلك أَنَّهُ مُنْقَطِع عن الحُجَّة، وعاجزٌ عن دَفعها، فهذا من أبعد ما يكون.
ونحن نقولُ للمؤلِّف ولغيرِ المُفسِّر ممَّن نَشَأَ عَلَى طريقته: إنّ جَوابَ مُوسَى {رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا} مطابِقٌ للسُّؤالِ، وإن فِرْعَوْنَ لم يسألْ عن حقيقةِ وكُنْهِ الخالِقِ أبدًا، ولا دارَ فِي فِكْرِهِ هذا، ولا يبالي بِهِ مِن أيِّ شيْءٍ هو.
فلهذا نقول: إن الجَوابَ مطابِق للسُّؤالِ، و {أَلَا تَسْتَمِعُونَ} الإسْتِفهامُ للتهكُّمِ؛