للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فوائد الآيتين الكريمتينِ:

الْفَائِدَةُ الْأُولَى: بيانُ عُقوبةِ الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى للطاغِينَ، وذلك بإزالةِ النِّعَم عنهم؛ إما بإخراجهم منها، وإما بإزالتها هي، وتُؤخَذ من قوله: {فَأَخْرَجْنَاهُمْ مِنْ جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ}.

الْفَائِدَةُ الثَّانِيَةُ: أنَّ العُقوبةَ بعد التنعيمِ أشدُّ، ولذلك نصَّ عليه، فما قَالَ: فأخرجناهم من أماكنهم فقطْ، أو من دِيَارِهِمْ، ولكن بيَّن عَلَى سبيلِ التعيينِ ما هم فيه منَ النَّعيم؛ لِأَنَّ الأخذَ بالعُقوبةِ بعدَ النعيمِ يكونُ أشدَّ.

الْفَائِدَةُ الثَّالِثَةُ: تحذير للطُّغاة من أنْ تزولَ نِعَمُهُم بسببِ طُغيانهم، ففي عَصْرِنا هَذَا فتحَ اللهُ عَلَى النَّاسِ من أنواعِ النعيمِ ما لم يكنْ مَوْهومًا من قبلُ، وبالأَولى لَيْسَ معلومًا، فيُخْشَى أنْ يخرجَ هَؤُلَاءِ من هَذَا النعيمِ إذا طَغَوْا وعَتَوْا عن أمرِ اللهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى.

الْفَائِدَةُ الرَّابِعَةُ: وفي ذلك دليلٌ عَلَى أنَّ الْإِنْسَانَ قد يُؤْخَذ من حيثُ يَرَى أَنَّهُ عَلَا وظهرَ؛ فإن فِرْعَوْنَ بعثَ فِي المدائنِ حاشرينَ يَدْعُوهم إِلَى قتالِ مُوسَى وقومه، فخرجوا تابعينَ لهم عَلَى أَنَّهُم سيدركونهم، فصارَ فِي هَذَا الخروجِ حَتْفهم وهلاكهم، ونظيرُه فِي هَذِهِ الأمّة ما صنعتْ قُريش حينَ خَرَجَت إِلَى بَدْر، وكان أبو جهلٍ يقول: واللهِ لا نَرْجِع حَتَّى نَقْدَمَ بدرًا فنَسْقِي فيها الخُمُور، وتَعْزِف علينا القِيَان، ونشرب الخمور، حَتَّى تسمعَ بنا العربُ، فلا يزالون يهابوننا أبدًا (١). فأُخذوا من حيثُ أَتَوْا.


(١) مغازي الواقدي (١/ ٤٤).

<<  <   >  >>