قَالَ المُفَسِّر رَحِمَهُ اللَّهُ: [{قَالَ} مُوسَى: {رَبُّ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَمَا بَيْنَهُمَا إِنْ كُنْتُمْ تَعْقِلُونَ}]، يعني: هُوَ ربُّ المشرِق والمغربِ، {رَبُّ الْمَشْرِقِ} لَيْسَ المُراد منْه الجِهة فقط، ولكن المُراد الجِهَة وما يَحْدُثُ فيها مِن شُروقِ الشَّمْسِ والقمرِ والنجومِ، وما إليها.
قال:{رَبُّ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَمَا بَيْنَهُمَا} وهذا كقولِ إِبْرَاهِيم للذي حَاجّه، قال إِبْرَاهِيم:{فَإِنَّ اللَّهَ يَأْتِي بِالشَّمْسِ مِنَ الْمَشْرِقِ فَأْتِ بِهَا مِنَ الْمَغْرِبِ}[البقرة: ٢٥٨]، فكأنَّ مُوسَى عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَدَلَ إِلَى أمرٍ ظاهرٍ بيِّن لا يُمْكِن المماراةُ فيه أبدًا؟ قَالَ:{رَبُّ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَمَا بَيْنَهُمَا} والذي بينهما وما يحدُث مِنَ السَّحاب والرِّياح وغيرِ ذلك، فهذا أمرٌ لا أحدَ يُنْكِره، ولهذا قال لهم:{إِنْ كُنْتُمْ تَعْقِلُونَ}؛ لِأَنَّ هَذَا الأمرَ ظاهرٌ للعقلاءِ.
ثم فِي قوله:{إِنْ كُنْتُمْ تَعْقِلُونَ} تَعريضٌ لهم كَرَدٍّ عَلَى قولهم: إنَّ رَسولَكم لمجنونٌ، كأنه يقول: المجنونُ مَن يُنْكِر هَذهِ الأشياءَ.
ولهذا قَالَ:{إِنْ كُنْتُمْ تَعْقِلُونَ}، وفي قوله:{إِنْ كُنْتُمْ تَعْقِلُونَ} من ظهورِ القوَّة مِن مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ وأنه لم يَكْتَرِثْ بهم، فهو رجلٌ وحدَه أمامَ جَبّار عَنيد، وهذا