هذا الكَلام الَّذِي قاله المُفسِّر فِي تفسيرِ الجُملةِ بعيدٌ منَ الصَّوابِ كلَّ البُعْدِ؛ قوله:{وَمَا رَبُّ الْعَالَمِينَ} من المعروف أن (مَا) يُستفهَم بِهَا عن الحَقِيقَةِ، فتقول: ما الذهَب؟ يُقال مثلًا: هُوَ مَعْدِنٌ نَفيس .. إِلَى آخره، تقول مثلًا: ما العِلم؟ تقول: إدراكُ الشَّيْءِ عَلَى ما هُوَ عليه إدراكًا جازمًا، فـ (ما) يُسْتَفْهَم بِهَا فِي الأَصْلِ عنِ الحَقِيقَةِ.
ويدّعي المُفسِّر أنَّ فِرْعَوْن استفهمَ عن ذلك - عن الحَقِيقَة - ولكنَّه لَيْسَ كذلكَ، ففِرْعَوْن استفهمَ عن هَذهِ الربوبيَّة؛ لِأَنَّهُ قَالَ:{إِنَّا رَسُولُ رَبِّ الْعَالَمِينَ}، فما هَذِهِ الربوبيَّة الَّتِي زعمتَ أنَّ الله تعالى أرسلكَ وَهُوَ ربُّ العالمين؟ !
لأننا لو قلنا: إنَّه يَسْتَفْهِم عن حقيقةِ اللهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى لَلَزِمَ منْ ذلك أن يكونَ قد أقرَّ به، وَهُوَ لم يُقِرَّ بِهِ حَتَّى يسأل عن حقيقةِ هَذَا الربِّ، وإنَّما يُنْكِر الربَّ أصلًا،