للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[الآية (٢١)]

* * *

* قالَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ: {فَفَرَرْتُ مِنْكُمْ لَمَّا خِفْتُكُمْ فَوَهَبَ لِي رَبِّي حُكْمًا وَجَعَلَنِي مِنَ الْمُرْسَلِينَ} [الشعراء: ٢١].

* * *

قال: {فَفَرَرْتُ مِنْكُمْ}. وسببُ فِرارِه منهم أن رجلًا جاءه يسعى وقال: {يَامُوسَى إِنَّ الْمَلَأَ يَأْتَمِرُونَ بِكَ لِيَقْتُلُوكَ فَاخْرُجْ إِنِّي لَكَ مِنَ النَّاصِحِينَ} [القصص: ٢٠]، وهذا الرَّجُلُ مجهولٌ، لكن قَبِلَ مُوسَى خَبَرَهُ لوُجودِ القَرينة؛ وهي قَتْلُهُ القِبْطِيَّ، وإلَّا فَإِنَّهُ ما يُقْبَل خبرُ رجلٍ مجهولٍ. ثم إن هَذَا الرَّجُل أكَّد خبره بقوله: {فَاخْرُجْ إِنِّي لَكَ مِنَ النَّاصِحِينَ} فخرجَ وفرّ منه خائفًا.

قال: {فَفَرَرْتُ مِنْكُمْ لَمَّا خِفْتُكُمْ}، (لَمّا) ظرفٌ بمَعْنى: (حينَ)، وتُستعمَل عدَّةَ استعمالاتٍ، فتُسْتَعْمَل ظرفًا بمَعْنى: (حين)، وتُسْتعمل بمَعْنى أداةِ استثناءٍ، بمَعْنى: (إلَّا)، وتُستعمَل شرطيَّةً، وتُستعمَل نافيةً، أمَّا استعمالها نافيةً ففي مثل قولِ اللهِ تعالى: {وَلَكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنَا وَلَمَّا يَدْخُلِ الْإِيمَانُ فِي قُلُوبِكُمْ} [الحجرات: ١٤]، يعني: لم يدخلْ.

وأمَّا استعمالها شرطيَّة ففي مثلِ قولِهِ تعالى: {وَلَمَّا جَاءَهُمْ رَسُولٌ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ مُصَدِّقٌ لِمَا مَعَهُمْ نَبَذَ فَرِيقٌ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ كِتَابَ اللَّهِ وَرَاءَ ظُهُورِهِمْ كَأَنَّهُمْ لَا يَعْلَمُونَ} [البقرة: ١٠١]، فهذه الشَّرطيَّة، وأمَّا استعمالها بمَعْنى

<<  <   >  >>