قَالَ المُفَسِّر رَحِمَهُ اللَّهُ: [{لَعَلَّكَ} يا محمدُ {بَاخِعٌ نَفْسَكَ} قاتِلُها غَمًّا من أجلِ {أَلَّا يَكُونُوا} أي: أهل مكة {مُؤْمِنِينَ}(ولعلَّ) هنا للإشفاقِ، أي: أَشْفِقْ عليها بتخفيفِ هَذَا الغَمِّ].
(لعل) للإشفاق، وتكون للتعليلِ وتكون للتَّرجِّي. فإذا تعلقتْ بمكروهٍ فهي للإشفاقِ، وإذا تعلَّقت بمحبوبٍ تكونُ للترجِّي، وإذا تعلقتْ بعلَّةٍ مِنَ العِلَلِ فهي للتعليلِ، وهي هنا للإشفاقِ، مثل أن تقول:(لعلَّ الحبيبَ هالِكٌ) فلا يمكن أن يكون قَصْدُك ترجِّيَ أنْ يَهْلَكَ حَبِيبُك، لكنَّك تُشفِق.
والله تعالى أشفقَ عَلَى نبيِّه - صلى الله عليه وسلم - من أن يُهلِك نفسَه - يَقْتُلها منَ الغمِّ - بسببِ عدمِ إيمانهم، والرسول عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ يعاني من عدمِ إيمانهم، ومنَ المشقَّة الشديدةِ، ويحزن، ويضيق صدرُه ولكن الله تعالى يُسَلِّيهِ بمثل هَذِهِ الآية:{وَلَا تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ وَلَا تَكُنْ فِي ضَيْقٍ مِمَّا يَمْكُرُونَ}[النمل: ٧٠]، وهنا يقول:{لَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَفْسَكَ} مهلكها {أَلَّا يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ} ففي هَذَا دَليل عَلَى أن الْإِنْسَان الداعيَة لا يَنبغي أنْ يُهْلِكَ نفسَه فِي الهَمِّ والغَمِّ لعدم قَبُولِ النَّاسِ للحقِّ؛ لأَنَّهُ إذا أتَى بما يَجِبُ عليه انشرحَ صدرُه، وكفى. فأنت أتيت بما يجب عليك من الأمرِ بالمعروفِ والنهيِ عن المنكَرِ، ثم إنِ