ولهذا جاء فِي الحديثِ الصَّحيحِ أنَّ النبيَّ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ قَالَ:"إِنَّمَا الطَّاعَةُ فِي المَعْرُوفِ"(١)، يعني طاعة وَلِيِّ الأمرِ فِي المعروفِ، الَّذِي عَرَّفَهُ الشرعُ.
فَإِنْ قِيلَ: كيف يتصوَّر أن أصحاب النارِ يَتجادلون حالَ العذابِ؟
فالجَواب: أحوالُ الآخِرَةِ لا تُقاسُ بأحوالِ الدنيا، أليستِ الشَّمْسُ تَدْنُو مِنَ الخَلائقِ يومَ القيامةِ بِمِقْدَارِ مِيلٍ؟ ! لو قُرِّبَتِ الشَّمْسُ مِقْدَار أُنْمُلَة عن مَكانها، لَأَحْرَقَتِ الدنيا إِحراقًا، وتكون يومَ القيامةِ بمقدارِ مِيلٍ ولا تُحْرِق النَّاسَ! فلا يُمْكِن أنْ تُقاسَ أحوالُ الآخِرَةِ بأحوالِ الدنيا أبدًا، كما أنَّ أحوالَ البَرْزَخِ إذا ماتَ الْإِنْسَانُ وأُقعِدَ وسُئِلَ وعُذّب، فلا تُقاسُ بأحوالِ الدنيا.
الحاصلُ أنَّ اللهَ تعالَى يقولُ لِهَؤُلَاءِ الَّذينَ اتَّخَذُوا معبودينَ سِواه، سواء كانتْ عبادةَ التذلُّل، أم عبادة الحُكْم، يقول لهم: إنهم يُكَبْكَبُونَ فِي نارِ جَهَنَّم، ويَخْتَصِمون فيها، ويقول التابعونَ للمتبوعينَ: {تَاللَّهِ إِنْ كُنَّا لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ (٩٧) إِذْ نُسَوِّيكُمْ بِرَبِّ الْعَالَمِينَ}.
(١) أخرجه البخاري: كتاب الأحكام، باب السمع والطاعة للإمام ما لم تكن معصية، رقم (٧١٤٥)، ومسلم: كتاب الإمارة، باب وجوب طاعة الأمراء فِي غير معصية، وتحريمها فِي المعصية، رقم (١٨٤٠).