قَالَ المُفَسِّر رَحِمَهُ اللَّهُ: [{إِلَّا الْمُجْرِمُونَ} أي: الشياطين، أو الأَوَّلون الَّذين اقْتَدَيْنَا بهم]، فهذا إذا كَانَ المُراد بالمجرِمِ الضالّ، سَوَاء اعتدى أو لم يَعْتَدِ؛ لِأَنَّهُ إذا كانوا آباءهم الَّذين اقتدوا بهم فإنَّهم لم يُضِلُّوهم، ولم يُجْرِمُوا عليهم، فهَؤُلَاءِ هم الَّذين أَجرموا عَلَى أَنْفُسِهِمْ.
ولا يَبْعُدُ أنْ يُرادَ بالآيَاتِ المعنيانِ جَميعًا؛ فإنهم ضَلُّوا بأمرينِ:
الأوَّل: بِمَن يدعونهم وهم أحياءٌ إِلَى الضَّلالِ.
والثَّاني: بِمَن يُقَلِّدُونهم وهَؤُلَاءِ من الأموات.
لكن فِي المسألةِ الأُولى يكون الجُرمُ عليهم وعلى مَن أضلَّهم، وفي الثَّانية عليهم وَحْدَهم؛ لِأَنَّ أولئكَ الأموات فِي الحَقِيقَةِ ما جَنَوْا عليهم؛ إذ إن الرُّسُل جاءتهم وبيَّنَتْ لهم.
ويستفاد من الآية:
سبُّ هؤُلاءِ بعضهم بعضًا؛ لقوله تعالى:{وَمَا أَضَلَّنَا إِلَّا الْمُجْرِمُونَ}، فهذا قَدْحٌ فيهم من جهةِ أنَّهم أَضَلُّوهم، ومن جهةِ أنَّهم مُجْرِمُون.