فَإِنْ قِيلَ: فِي نَفْسِ المَقامِ يَسْتَشْعِرُونَ أَنَّهُم كاذبونَ أم فِي عِلم اللهِ أَنَّهُم لو رُدُّوا لعادوا لما نُهوا عنه؟
فالجَواب: الظَّاهرُ أَنَّهُ فِي عِلم اللهِ، فيمكِن أَنَّهُم حِينما يقولونه فِي تلك الساعة يقولونه صِدقًا، ولكن الله أخبر بأنَّهم إذا رَجَعوا فسيعودون إِلَى الكفرِ.
قال:{فَلَوْ أَنَّ لَنَا كَرَّةً فَنَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ} أى: من المصدِّقين المُقِرِّينَ المُلْتَزِمِينَ بالعملِ؛ لِأَنَّ الإيمانَ وَحْدَهُ لا يَنفَعُ، فإذا لم يَسْتَلْزِمِ العملَ فليسَ بإيمانٍ، ولهذا نقول: إن الكفّار الَّذين أتتهم آيات الله كان بها مؤمنين {وَجَحَدُوا بِهَا وَاسْتَيْقَنَتْهَا أَنْفُسُهُمْ}[النمل: ١٤]، ولكن لكونهم لا يَنقادون لم يَنْتَفِعوا بإيمانهم، فإبليسُ بمَعْنى التصديقِ مؤمنٌ، لكنه مستكبِر، فلم يَنْفَعْهُ إيمانه.
وأذكر أَنَّهُ حينما صَعِدَ أوَّلُ رَجُلٍ إِلَى الفضاءِ مِنَ الرُّوس وشاهَدَ الكونَ أعلنَ أن هَذَا الكونَ له مدبِّر، فجاء أصحابُه الروس وقالوا: ما تقول؟ !