إليها مَذْهَبَ الفُرْجَة والنُّزْهَة، وهذا حَرامٌ، لا يجوزُ.
ولا يُعارِضُ هذا قولَ اللهِ تعالى:{وَسَكَنْتُمْ فِي مَسَاكِنِ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ وَتَبَيَّنَ لَكُمْ كَيْفَ فَعَلْنَا بِهِمْ وَضَرَبْنَا لَكُمُ الْأَمْثَالَ}[إبراهيم: ٤٥]؛ لأنَّهم كافرونَ؛ أي أنّ فِعْلَهم لا يدلُّ على الجواز.
أو يُقال: إنَّ شَرِيعَتَنَا وردتْ بخلافِ ذلكَ في التحريمِ، وأمَّا قولُ بعض النَّاس: الأَرْض كلّها لا تَخلو من أممٍ مكذِّبة، فأنا أقول: نعم، الأَرْضُ كلُّها لا تخلو من أممٍ مكذِّبة، لكن مَن قال: إن هذا المكَان المعيَّن مكَان أُمَّة مكذِّبة.
والأحقافُ في الأَصْلِ يجوزُ أن نَزُورَها؛ لأننا لا نَعْلَم مَساكِنَهم بعينها، لكن ثَمُود مساكنهم موْجودةٌ بعينها، فإذا دخلها الإِنْسانُ كَأنَّه داخلها بذلك الوقتِ، ولهذا منعَ الرَّسُولُ - صلى الله عليه وسلم - منَ الدخولِ إلَّا والإِنْسان باكٍ، فقال عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ:"فَإِنْ لَمْ تَكُونُوا بَاكِينَ فَلا تَدْخُلُوا عَلَيْهِمْ"، لكن عندنا اليومَ يدخلون ومعهم آلاتُ التصويرِ.
فإن قيل: وهل شَدُّ الرَّحْل لِزِيَارةِ مساكنِ ثَمُودَ محرَّم؟
قلنا: شدُّ الرَّحْل لغيرِ التعبُّد ليسَ فيه مانعٌ، فكلُّ النَّاسِ يَشُدُّون الرِّحال للتِّجارة ولغيرِ التجارةِ، لكن شَدّها للنُّزهة فهذا حرامٌ.
أمَّا أن يذهبَ للخُشُوع والتعبُّد بتذكُّر مآلِ هؤلاءِ الجبَّارين لَمَّا عَصَوْا أمرَ ربِّهم، فقد يُقال: إن هذا لا بأسَ به، على أنَّ المسألةَ فيها نظرٌ، فقد يُقال: إنّ الإعتبارَ بما في القُرآنِ أبلغُ بما في البُنيان، لكنَّه أهونُ منَ الَّذي يذهب للنُّزهة والفُرجة، فزيارةُ هذه المساكنِ مَشروطةٌ بأنْ يَعْتَبِرَ الإِنْسانُ.