والقولُ الرابعُ: أنَّه يُقْتَل بكُلِّ حالٍ، سواء كَان مُحْصَنًا أم غيرَ مُحْصَنٍ، ولكن اختَلفوا في كيفيَّة قَتلِه، فقيل: بالرَّجْم، وقيل: بالسَّيف، وقيل: بالتَّحْرِيق، وقيل: بإلقائه منَ الشاهِق وإتباعه بالحِجارة، وهذا القولُ هو الَّذي اتَّفَقَ عليه الصّحابة أنه يُقْتَل.
وهذا القولُ هو الصَّحِيح المتعيَّن، أنَّه يُقتل بكُلِّ حالٍ؛ فاعلًا كَان أمْ مفعولًا به، إذا كَان بالغًا عاقلًا؛ لأنَّ هذا ليسَ كالزِّنا، بل أشدّ وأعظم، ولأنه أمرٌ لا يُمْكِن التحرُّزُ منه، بخلافِ الزِّنا، فالزنا يمكن التحرُّز منه، لكن هذا لا يُمْكِن؛ فإِنَّه لو أنَّ خَبيثًا أمسكَ بِيَدِ أمردَ لا أحدَ يقولُ: ما الأمردُ هذا؟ ولماذا تُمْسِك يدَه؟ وما أشبهَ ذلك، فهو أمرٌ لا يُتَحَرَّز منه، فيأتي في نوادي الرِّجال وغيرها.
وقد ذَكَرَ شيخُ الإسلامِ رَحِمَهُ اللهُ أنَّ الصَّحَابَة أجمعوا على قَتْلِه (١).
أمّا مَن قال: إنَّه لا يُتَعَرَّض له، فحُجَّتُه أنَّ هذا ممَّا تَنْفِرُ عنه الطِّباع، وما تنفر عنه الطباعُ يُكتَفَى بالرَّدْع الطبيعيّ، كما أنَّ شاربَ البَوْلِ لا يُتعرّض له، وشارب الخَمْر يُجْلَد؛ لأنَّ الخمرَ تَدْعُو النَّفسُ إليه، وهذا لا تَدعو النفوس إليه.
ولكن هذا قولٌ باطلٌ مِن وجوهٍ:
أوَّلًا: فإن قولَهم: "إنَّها لا تدعو النفوسُ إليه" هذا صَحِيحٌ لكن النفوس