قال المُفسِّر رَحِمَهُ اللهُ:[هِيَ غيضَةُ شَجَرٍ قُرْبَ مَدْيَنَ]، أي أَرْض مَمْلُوءَة بالشجرِ، والغالبُ أن تكونَ هذه الأشجار المُلْتَفَّة بعضها على بعض.
و(مَدْيَن) يَظْهَر أنَّه في طُور سِيناء، من قِصَّة مُوسى.
قوله تعالى:{إِذْ قَالَ لَهُمْ شُعَيْبٌ} قال المُفسِّر رَحِمَهُ اللهُ: [لم يقلْ: أخوهم؛ لأنه لم يكن منهم]، بينما قالَ في غيرِه ممَّا مَضَى مِنَ القَصَصِ:{إِذْ قَالَ لَهُمْ أَخُوهُمْ}، {وَإِلَى مَدْيَنَ أَخَاهُمْ شُعَيْبًا}[الأعراف: ٨٥]، فتبيَّن بهذا أن أصحابَ الأيكةِ لَيْسُوا أهلَ مَدْيَنَ.
ولهذا قال المُفَسِّر:[قُرب مَدْيَن]، وليسوا منَ القريةِ الَّتي بُعِث فيها شُعَيْب؛ لأنَّ أهلَ القريةِ الَّتي بُعِثَ فيها مَدْين مِن قَبيلته، ولهذا لَمَّا ذكرَ مَدْيَنَ قال:{أَخَاهُمْ شُعَيْبًا}، وأمَّا هنا فقال:{إِذْ قَالَ لَهُمْ شُعَيْبٌ} ولم يقلْ: أَخوهم.
وممّا يدلُّ على أنَّهم ليسوا أصحابَ مَدْيَنَ، أنَّ العذابَ الَّذي أُخِذوا به غيرُ العذابِ الَّذي أُخِذَ به أصحابُ مَدْيَنَ، فأصحابُ مَدْيَنَ أُخِذوا بالصَّيْحَة، وهؤُلاءِ أُخِذُوا بعذابِ الظُّلَّة، كما سيأتي إن شاء الله.
وهل مَعْنى هذا أنَّ شُعيبًا أُرسلَ مرّتينِ؟
الجَواب: لا، بل أُرسل مرَّةً واحدةً، لكن إلى قومينِ؛ إلى هؤُلاءِ وهؤُلاءِ، ويجوزُ أن يكونَ هذا من بابِ التبع، يَعْنِي: هذه القرية صغيرة مثلًا، وكَانت تابعة لبلدتِهِ، ويدلُّك على هذا أن عَمَلَهم واحد؛ عمل هؤُلاءِ، وعمل أهل مَدْيَنَ.