وفي اختلافِ القراءتينِ فائدةٌ، وهي أن الَّذي أمرهُ بالنزولِ هو اللهُ فنزلَ، فيكون جمعتَ بين فِعل جبريلَ الصادر عن أمر اللهِ، وبين الدلالةِ على أمرِ اللهِ له بذلك:(نزّلَ به).
قالَ المُفَسِّر رَحِمَهُ اللهُ: [{وَإِنَّهُ} ذِكر القُرآن المنزَّل على محُمَّد - صلى الله عليه وسلم - {لَفِي زُبُر} كُتُب {الْأَوَّلِينَ} كالتوراةِ والإنجيلِ]، المُفَسِّر جعلَ الضَّميرَ يعودُ على القُرآنِ، يَعْنِي: إنَّ ذكرَ القُرآنِ موْجودٌ في {زُبُرِ الْأَوَّلِينَ} كُتُبهم، والمُرادُ وصفُ القُرآنِ؛ لأن النَّبيّ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ وصف صفات التَّوْرَاة والإِنْجِيل بصفاته وصفات الكِتاب الَّذي نزَل به.
وقَوْلهُ:{لَفِي زُبُرِ الْأَوَّلِينَ} ظاهرُ الآيةِ الكريمة الْعُمومُ، وأن كل الكتبِ السابقةِ ذُكِرَ فيها القُرآنُ، وبشر إليه، ومنها: التوراة والإنجيل، فتكون الكاف هنا للتشبيهِ، وفي هذا دليلٌ واضحٌ على عِناية اللهِ تَعالَى بهذا القُرآنِ، وتَشريفه، وتَعظيمه، حيثُ ذُكِر في كلّ كتابٍ سَبَقَ.
وفيه أيضًا دليلٌ على أنَّه لو جاءَ هذا الكتابُ لَوَجَبَ على جميعِ مَن يَعْتَنِقُونَ الكتبَ السابقةَ أنْ يُؤْمِنُوا به.