وقوله:[بيِّن عَلَى رِسالتي]، المُفسِّر قيَّدها بقولِهِ:(على رِسالتي) والأَوْلى أن يُقالَ: إنها أعمُّ مِن ذلكَ؛ عَلَى كلِّ ما قلتَ من الرِّسالَةِ، ومن وصفِ اللهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى بأنه {رَبُّ الْعَالَمِينَ}، و {رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ}، و {رَبُّكُمْ وَرَبُّ آبَائِكُمُ الْأَوَّلِينَ}، و {رَبُّ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ}، ولكن كَلام المُفسِّر لا يأباهُ إذا قلنا: إن المُرادَ بالرِّسالَةِ كلّ ما جاء بِهِ مُوسَى.
قال المُفسِّر رَحِمَهُ اللَّهُ: [{قَالَ} فِرْعَوْن له: {فَأْتِ بِهِ}]، أي: بهذا الشَّيْءِ المُبِين [{إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ} فيه].
والجُملةُ الشَّرطيَّة موصولةٌ فيما قبلها وليستْ منقطِعةً، يعني: إن كنتَ منَ الصادقينَ فأتِ به، وفي مثلِ هَذَا التركيبِ يقول بعضُ النَّحْويين: إنه لا حاجةَ إِلَى جَوابِ الشَّرطِ؛ لِدَلالةِ ما قبلَه عليه، وبعضهم يقول: إن جَوابَ الشَّرطِ محذوفٌ، ودلّ عليه ما قبلَه، ولا أعلمُ أن أحدًا قَالَ: إن جَوابَ الشَّرطِ ما سبقَ؛ وذلك لِأَنَّ جَوابَ الشَّرطِ لا يَتَقَدَّم عَلَى العاملِ، ولكن الصَّحيح الأَوَّل: أنَّ التركيبَ فِي مثلِ هَذَا لا يحتاجُ إِلَى جَوابٍ، والفرقُ بينَ هَذَا وبينَ الَّذِي بعدَه أن الَّذِي بعده يقول: يجبُ أنْ يقدَّر الجَواب، ولكنه حُذِف للعلمِ به، ونحن نقول: إنَّ ما عُلِم فلا يحتاجُ إِلَى جَوابٍ إطلاقًا، فهذا هُوَ الصَّحيحُ، ومثلُ هَذَا يقعُ أيضًا فِي القَسَمِ.
وقوله:{فَأْتِ بِهِ إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ}، ذَكَرْنا أنَّ هَذَا الخُضُوعَ من فِرْعَوْن يَتَضَمَّنُ ثلاثةَ أمورٍ، ومنها أن الله ألانَ قلبَه، فقد تَحَدَّاه بقولِهِ: {فَأْتِ بِهِ إِنْ