قال الهيثم بن عدىّ: كنت يوماً بكناسة الكوفة إذ أنا برجل قد وقف على نخّاس الدّواب، فقال له: اطلب لي حماراً ليس بالصغير المحتقر، ولا بالكبير المشتهر، إن خلا الطريق تدفق، وإن كثر الزحام ترفق، لا يصادم في السّوارى، ولا يدخل تحت البواري، إن أقللت علفه صبر، وإن أكثرت له شكر، وإن ركبته هام، وإن ركبه غيري نام. فقال له النخاس: اصبر يا عبد الله، فإذا مسخ القاضي حماراً، أصبت حاجتك إن شاء الله تعالى.
خطب أبو القطوف إلى قوم وليةً لهم، فأجابوه، وقالوا لها من الضياع والمال كذا وكذا، فما مالك أنت؟ قال: إن كنتم صادقين فإن مالها يكفيني وإياها ما عشنا، فما سؤالكم عن مالى؟! وقال عبد الملك بن عبد الحميد الحارثي:
يا أخت كندة عافي شرب عثمان ... وأزمعى لبنى عوف بهجران
يا أخت كنده سيرى سير ساخطةٍ ... كي تنتوي غضبي وغضبان
يا أخت كنده ليس الرّزق في يده ... الرّزق قي يد من لو شاء أغناني
الماء في دار عثمان له ثمن ... والخبز فيها له شانٌ من الشّان
عثمان يعلم أنّ الحمد ذو ثمن ... لكنّه يشتهى حمداً بمجّان
والناس أكيس من أن يمدحوا أحداً ... حتّى يروا عنده آثاره إحسان
اغسل يديك بأشنانٍ وأنقهما ... غسل الجنانة من معروف عثمان
واسلح على كلّ عثمان مررت به ... إلاّ الخليفة عثمان بن عفّاف
وقال الليث الحجام:
حلقت بموسي الهجر ناصية الصّدّ ... وأخريت مشط الصّدّ في طرّة الودّ
قصصت بمقراض القلا حجّة الوفا ... فجبهة رأس الودّ مكشوفة الجلد
وشعر سبال الوصل صرت منتفاً ... ظلوماً بمنقاش القطيعة والصَّدَّ
وما زلت مصَّاصاً بغير إساءةٍ ... بمحجمة الخلف القبيح دم الوعد
وذكروا أن إبليس قال:ماذا ألقى من أصحاب البلغم؟ ينسون ويلعنونني.
قال حسين المعروف بالجمل الشاعر: كان أحمد بن المدبر بدمشق يقصده الشعراءفمن مدحه بشعر جيد أثابه، ومن مدحه بشعر رديء وكل به من يحمله إلى الجامع فلا يفارقه حتى يصلى مائة ركعة. قال فدخلت عليه، فقلت:
أردنا في أبى حسن مديحاً ... كما بالمدح تنتجع الولاة
فقالوا يقبل المدحات لكن ... جوائزه عليهن الصلاة
فقلت لهم: وما يغنى عيالي ... صلاتى إنما الشأن الزكاة
ليأمر لي بكسر الصاد منها ... فتضحى لي الصلاة هي الصلات
قال،فقال لي: أخذت هذا من قول أبى تمام:
هن الحمام فإن كسرت عيافة ... من حائهن فإنهن حمام
قال الرياشي: خرج الناس بالبصرة ينظرون هلال رمضان، فرآه رجل منهم،ولم يزل يومئ إليه حتى رآه غيره وعاينوه، فلما كان هلال الفطر، جاء الجار إلى ذلك الرجل، فدق عليه الباب، وقال له: تعال أخرجنا مما أدخلتنا فيه.
[باب المزاح إباحة وكراهة]
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إني لأمزح ولا أقول إلا حقَّا.
قال ابن عباس: المزاح بما يحسن مباح، وقد مزح رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلم يقل إلاّ حقا.
قال غالب القطان: أتيت محمد بن سيرين، وكان مزاحاً فسألته عن هشام ابن حسان، فقال لي: توفى البارحة، أما شعرت؟ فقلت إنا لله وإنا إليه راجعون. فضحك وقال:؟ " الله يتوفى الأنفس حين موتها، والتي لم تمت في منامها، فيمسك التي قضى عليها الموت، ويرسل الأخرى إلى أجل مسمى ".
جاءت إمرأة إلى الحسن، فقالت: إني نذرت أن أهدي البصرة إلى مكة،فقال:ويحك إن أهل البصرة لا يدعونك تهدى بصرتهم، ولو تركوك ما قدرت، كفري عن يمينك.
وفي الحديث المأثور: " أنّ عيسى عليه السلام كان يبكي ويضحك، وكان يحيى عليه السلام يبكي ولا يضحك، فكان خيرهما المسيح عليه السلام ".
قال خليفة بن زيد: كان خليفة الأقطع مزاحاً، وكان يقف على أيوب السختياني فيمازحه.
قال حماد: وجاء خليفة الأقطع يوماً إلى أيوب، وأنا غلام بين يديه، فقال له:يا أبا بكر متى استحدث هذا؟ يعنى متى طلب هذا الحديث.