جاء في الخبر: " من كان به مرض قديم فليأخذ درهماً حلالاً، فليشتر به عسلاً ثم ليشربه بماء السماء فإنه يبرأ بإذن الله ".
قال منصور الفقيه يخاطب بعض إخوانه:؟ ياذا الَّذي أنزلني منزلي علمي بما أنزله منزله
إن كنت في الصِّحَّة ذا رغبةٍ ... فاعتض من المجزرة المبقله
واستعمل الماشَّ وأشباهه ... وباعد الميل عن المكحله
فإنَّما الجاهل كلّ امرئ ... يأكل في الصِّحَّة ماعنَّ له
قال أبو عمر رضي الله عنه: دخلت على الشيخ أبي الوليد بن عباد، عائداً له من بطن كان يشكوه قد اشتد عليه، فوجدته قد أخذ شيئاً من حسو، فقلت له: يا سيدي ما لصاحب البطن والحسو؟ فقال: شيء تاقت نفسي إليه، وسئمت أكل الجامد واليابس، فانصرفت من عنده ثم كتبت إليه:
ياسليل الكرام من آل لخم ... وأخا الرَّأي والدَّها والوفاء
إنَّ لي من سقام جسمك سقماً ... ثابتاً في الفؤاد والأحشاء
وبقلبي ممَّا بجسمك ضعفٌ ... للذي تشتكي من الأدواء
وبودِّي لو كنت عنك فداءً ... بدلاً عند هجمة الضَّراء
فاقبل النُّصح سيِّدي واسمع القو ... ل فإنِّي أحكي عن الحكماء
لا يداوي الإسهال بالإحتساء ... لا ولا بالأمراق والباقلاء
إنَّما الطبُّ طردك الضِّدَّ بالضِّ ... دِّ ودفع الأهواء بالإحتماء
حسم ذا الدَّاء ما كان قوتاً ... يألف الطَّبع في قوام الغذاء
وعليك الدُّعاء فالله يشفي ... ليس شافٍ سواه من كلِّ داء
نعم عون العليل توبة صدق ... وكذا البرُّ جالبٌ للشفاء
وسلامٌ عليك منِّي دأباً ... ما جرى الدَّمع قاطعاً للسَّماء
ولمنصور الفقيه أيضاً:
ياشريفاً طيُّ أمثا ... لي عنه النُّصح بدعه
لو مطلت النَّفس بالفرُّو ... ج بعد اليوم جمعه
لم تمت همَّاً ولم تل ... مم بك الحمَّى بسرعه
فاحترس بعد فحسب ال ... مرء أن يخدع خدعه
باب الطَّاعة والمعصية
قال الله عزوجل: " يا أيُّها الَّذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرَّسول وأولي الأمر منكم ". وقيل في تأويل أولي الأمر قولان: أحدهما أمراء السرايا كان يرسلهم رسول الله صلى الله عليه وسلم، والآخر العلماء.
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " من أطاعني فقد أطاع الله، ومن أطاع أميري فقد أطاعني ".
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " لا طاعة إلا في معروف، ومن أمر بمعصية فلا طاعة له ".
قال عبد الله بن مسعود في قول الله عزَّوجل: " اتَّقوا الله حقَّ تقاته ": أن يطاع فلا يعصى، ويشكر فلا يكفر، ويذكر فلا ينسى.
وقال قتادة، مثل ذلك وزاد عليها: " فاتَّقوا الله ما استطعتم ".
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " يقول الله عزَّوجلَّ يا ابن آدم! ما أنصفتني أتحبَّب إليك بالنِّعم، وتتبغّض إليّ بالمعاصي، خيري إليك نازلٌ، وشرُّك إليّ صاعدٌ، كم من ملك كريم يصعد إليَّ منك بعمل قبيح ".
قال الهلاليّ: من لم يصلح على أدب الله لم يصلح على اختياره لنفسه، ومن تعزز بمعصية الله، أذاقه الله ذلاً بحقّ.
قال علي بن عبد الله بن عباس: من لم يجد نقص الجهل في عقله، وذل المعصية في قلبه، ولم يستبن موضع الخل من لسانه عند كلال حده، فليس ممن يرغب عن ذنبه، ولا ينزع عن حال معجزةٍ، ولا يكترث لفضل ما بين حجّة وشبهة.
قال جعفر بن محمد: من نقله الله عزوجل من ذل المعاصي إلى عزّ الطاعة أغناه بلا مال، وآنسه بلا أنيس وأعزّه بلا عشيرة.
أخذه محمود الوراق فقال:
هاكّ الدَّليل لمن أرا ... د غنىً يدوم بغير مال
وأراد عزَّاً لم توطِّ ... ده العشائر بالقتال
ومهابةً من غير سل ... طانٍ وجاهاً في الرِّجال
فليعتصم بدخوله ... في عزِّ طاعة ذي الجلال
وخروجه من ذلة ال ... عا صي له في كلِّ حال