ولو تكافي الهوى مرأى ومستعماً ... لما تبَاينَت الأصواتُ والصورُ
أنشد إسحق بن إبراهيم لعمر بن أبي ربيعة في محمد بن عروة بن الزبير، وكان جميلاً:
إني امرؤٌ مُولَعٌ بالحسن أتبعُه ... لاحظَّ لي فيه إلاّ لذةُ النظرِ
وقال محمود الوراق:
من أطلق الطَّرْفَ اجتنى شَهْوَةً ... وحارس الشَّهوةِ غضُّ البَصَرْ
والطّرْفُ للقلبِ لسانٌ فإنْ ... أرادَ نطقاً فليكرَّ النَّظَرْ
يُفْهَمُ بالعينِ عن العينِ ما في الْ ... قلبِ من مكنونِ خيرٍ وشَرْ
يَطْوِي لسانُ المرءِ أَخبارَه ... والطرفُ لا يملكُ طيَّ الخَبرْ
وقال آخر:
لا تكثرنَّ تأمُّلاً ... وامْلِكْ عَلَيْك عنانَ طَرْفِكْ
فَلرُبَّما أرسلتَه ... فَرَمَاكَ في ميدانِ حَتْفِكْ
وقال أعرابي:
نظرتُ إليها نظرةً ما يَسرُّنِي ... وإِنْ كنت محتاجاً بها ألفُ دِرْهَمِ
قال شيخ من بني نمير: نظرت إلى مولدةٍ باليمامة، فقالت: ملأت عينيك وملك غيرك.
وقال ذو الرمة:
على وجهِ مَيٍّ مِسْحةٌ من مَلاَحَةٍ ... وتحتَ الثِّيابِ العارُ لو كان باَدياَ
ألم ترَ أنّ الماءَ يخبُثُ طعمهُ ... ولو كان لونُ الماءِ أَبيضَ صافياَ
وقال بعض الأعراب:
جزى الله البراقعَ من ثيابِ ... عن الفتيانِ شراً ما بَقِيناَ
يوارينَ الملاَحَ فلا أرَاها ... ويوهِمْنَ القِبَاحَ فيزْدَهيِناَ
وقال آخر:
لقد أعجبَتْها نفسُها فتملّحت ... بأيِّ جمالٍ ليتَ شِعْرِى تَمَلَّحُ
وقال إسماعيل القراطيسي:
وقد أتانِي خبرٌ راعني ... مِنْ قولِها في السِّرِّ واضَيْعَتَاهْ
أمثلُ هذا يبتغى وصلنَا ... أما يرى ذا وجهْهَ في المرَاهْ
وقال عباس بن الأحنف:
هَمّتْ بإتيانِنا حتّى إذا نظرتْ ... إلى المِرَاةِ نهاها وجههُا الحَسَنُ
ما كان هذا جزائِي من مَحاسِنِهَا ... أغَرتْ بي الشَّوْق حتى شفَّني الشَّجَنُ
كان يقال: أربعة تزيد في البصر: النظر إلى الوجه الحسن، وإلى الخضرة وإلى الماء الجاري، والنظر في المصحف.
دخل الشعبي سوق الرقيق، فقيل له: هل من حاجة؟ فقال: حاجتي صورة حسنة، يتنعم فيها طرفي، ويلتذ بها قلبي، وتعينني على عبادة ربي.
أدام إبراهيم النظام النظر إلى جاريةٍ حسناء، فقال مولاها: أراك تديم النظر إليها، فقال: مالي لا أتأمل منها ما أحل الله، وفيه دليل على حكمة صنعة الله، ومعه اشتياق إلى ما وعد الله.
قال الحسن البصري: ينبغي للوجه الحسن ألا يشين وجهه بقبيح فعله وينبغي لقبيح الوجه ألا يجمع بين قبيحين.
قال الشاعر:
إنّ حُسْنَ الوجهِ يحتا ... جُ إلى حُسْنِ فِعَال
حاجةَ الصَّادِي من الما ... ءِ إلى العَذْبِ الزَّلاَلْ
[باب جامع ذكر النساء وتزويج الأكفاء]
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " الدُّنيا كلها متاع، وخير متاع الدُّنيا المرأةُ الصالحة ".
ويروى أن داود عليه السلام قال لابنه سليمان: يا بني! إن المرأة الصالحة كمثل التاج على رأس الملك، والمرأة السوء كمثل الحمل الثقيل على ظهر الشيخ الكبير.
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " المرأة كالضلع العوجاء؛ إن رفقت بها استمتعت منها " أخذه الشاعر فقال:
هي الضِّلَعُ العوجاءُ لستَ تُقِيمُها ... ألاَ إنّ تقويمَ الضلوعِ انكسارُها
قيل لبعض الأعراب: من تركت عند نسائك؟ فقال: حافظين: الجوع والعري، عرين فلا يظهرن، وجعن فلا يأشرن.
مما أوصى به محمد بن عبد الله بن حسين ابنيه، فقال: واعلما أن لن تسقط امرأة واظبت على ثلاث خلال: الماء والسواك والكحل فعليكما بهن.
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إياكم وخضراء الدمن. قالوا: وما خضراء الدمن؟ فقال: المرأة الحسناء في المنبت السوء ". شبهها بنبات أخضر نضر نبت على دمنة، وهي الأبعار والأبوال تبلبل بعضها على بعض.