فامض لا تمنن عليَّ يداً ... منك المعروف من كدره
قال معاوية ليزيد: يابني اتخذ المعروف منالا عند ذوي الأحساب تشتمل به مودتهم، وتعظم في أعينهم، وتكف به عاديهم، وإياك والمنع، فإنه ضد المعروف.
كان يقال: حصاد من يزرع المعروف في الدنيا، اغتباط في الآخرة.
ذم أعرابي رجلا، فقال: كان سمين المال، مهزول المعروف.
قال الزهيري: من زرع معروفاً حصد خيراً، ومن زرع شراً حصد ندامة.
قال الشاعر:
من يزرع الخير يحصد ما يسرُّ به ... وزارع الشَّرِّ منكوسٌ على الرَّأس
وقال الراجز:
من يزرع الخير يحصد حصاده ... موفَّراً يوماً إذا ماأراده
قال بشر بن أبي خازم:
وأيدي النَّدى في الصَّالحين فضول
وقال الحطيئة:
من يفعل الخير لا يعدم جوازيه ... لا يذهب العرف بين الله والناس
وقال عبد الله بن مبارك رضي الله عنه:
يد المعروف غنمٌ حيث كانت ... تحمَّلها شكورٌ أو كفور
ففي شكر الشَّكور لها جزاءٌ ... وعند الله ما كفر الكفور
قال الأصمعي: سمعت أعرابيّاً يقول: أسرع الذنوب عقوبة كفر المعروف.
ولابن دريد وقيل إنه أنشدها:
وماهذه الأيَّام معارةٌ ... فما اسطعت من معروفها فتزوَّد
فإنَّك لا تدري بأيَّة بلدةٍ ... تموت ولاما يحدث الله في غد
قال بزرجمهر: خير أيام المرء ما أغاث فيه المضطر، واحتسب فيه الأجر، وارتهن فيه الشكر، واسترقّ فيه الحرّ.
جمع كسرى مرازبته وعيون أصحابه، فقال لهم: على أي شيء أنتم أشد ندامة؟ قالوا: على وضع المعروف في غير أهله، وطلب الشكر ممن لا يشكره.
قال الشاعر:
وزهَّدني في كلِّ خيرٍ منعته ... إلى النَّاس ماجرَّبت من قلَّة الشُّكر
وقال آخر:
النَّاس من شاكرٍ للعرف محتملٍ ... ومن كفورٍ لما أوليته زمر
فابسط يد الجود تحمل بعض نائلها ... وإنّما النَّاس والمعروف كالغرر
وقال آخر:
ومن يجعل المعروف في غير أهله ... يلاقي الّذي لاقى مجير أمَّ عامر
قال المهلب: عجبت لمن يشتري المماليك بماله، ولا يشتري الأحرار بمعروفه.
وقال: ليس للأحرار ثمن إلا الإكرام فأكرم حرّاً تملكه.
قال المتنبي:
إذا أنت أكرمت الكريم ملكته ... وإن أنت أكرمت الَّلئيم تمرَّدا
قال عبد مناف: دواء من لم يصلحه الإكرام الهوان.
قال الشاعر:
من لم يؤدِّبه الجمي ... ل ففي عقوبته صلاحه
وقال محمود الوراق:
فكَّرت في المال وفي جمعه ... فكان ما يبقى هو الفاني
وكان ما أنفقت في أوجه ال ... برِّ بمعروفٍ وإحسان
هو الَّذي يبقى وأجزى به ... يوم يجازى كلُّ إنسان
ومن فساد العرف إحصاؤه ... وذكره في كلِّ إبَّان
فانشر إذا أوليت عرفاً وإن ... أوليته فاستر بنسيان
باب الشُّكر
قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: " من أولى معروفاً فلم يجد إلا الثنا فقد شكره، ومن كتمه فقد كفره ".
وقال صلّى الله عليه وسلّم: " من أهدى إليه معروف، فقال لفاعله: جزاك الله خيراً فقد أبلغ في الثناء ".
سمع رسول الله صلّى الله عليه وسلّم عائشة رضي الله عنها تنشد لليهودي:
ارفع ضعيفك لا يحر بك ضعفه ... يوماً فتدركه العواقب قد نما
يجزيك أو يثنى عليك وإنَّ من ... أثنى عليك بما فعلت فقد جزى
فقال: " قاتله الله ما أحسن ما قال!، من لم يجد إلا الدعاء والثناء فقد كافأ ".
وفي رواية أخرى لهذا الخبر عن عائشة أنها قالت: قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلّم: " أنشدي شعر ابن الغريض اليهودي حيث قال: إن الكريم " فأنشدته:
إنَّ الكريم إذا أراد وصالنا ... لم يلف حبلي واهياً رثَّ القوى
أرعى أمانته وأحفظ غيبه ... جهدي فيأتي بعد ذلك ماأتى
أجزيه أو أثني عليه فإنَّ من ... أثنى عليك بما فعلت فقد جزى