لرأيت الأنف في السّر ... ج وعيسى مثل ردفه
وقال ابن السّلمانى:
أتيه على جنّ البلاد وإنسها ... ولو لم أجد خلقاً لتهت على نفسى
أتيه فلا أدرى من التّيه من أنا ... سوى ما يقول الناس فيّ وفى جنسى
فإن زعموا أنّى من الإنس مثلهم ... فما لي عيبٌ غير أنّى من الإنس
وقال خلف الحمر:
لنا صاحبٌ مولعٌ بالخلاف ... كثير الخطاء قليل الصّواب
ألجّ لجاجاً من الخنفساء ... وأزهى إذا ما مشى من غراب
ولأبى العتاهية، ويروى لمنصور الفقيه:
حّذتك الكبر لا يعلقك ميسمه ... فإنّه ملبسٌ نازعته الله
يا بوس حامل رجسٍ ليس يغسله ... بالماء عنه إذا كلّمته تاها
يرى عليك له فضلاً ومنزلةً ... إن نال في العاجل السّلطان والجاها
مثنٍ على نفسه راضٍ بسيرته ... كذبت يا صاحب الدّنيا ومولاها
وقال منصور الفقيه:
قلت للمعجب لمّا ... قال مثلى لا يراجع
يا قريب العهد بالمخ ... رج لم لا تتواضع
قال على بن محمد: إنما أهلك الناس العجلة والعجب، ولو ثبتوا ولم يعجلوا لم يهلك منهم أحد.
قال ابن أبى ليلى: ما رأيت ذا عجب قطّ إلا اعتراني بعض دائه. يريد أنه يبعثه على مكافأته بالتكبر عليه.
قال بعض الحكماء: من استطاع أن يمنع نفسه أربعاً كان جديرا ألا ينزل به مكروه: العجلة، واللجاجة، والتواني، والعجب. ولإبراهيم بن العبّاس الصولى في محمد بن عبد الملك الزيات:
أبا جعفرٍ عرّج على خلطائكا ... وأقصر قليلاً عن مدى غلوائكا
فإن كنت قد أوتيت بالأمس رفعةً ... فإنّ رجائي في غد كرجائكا
ولمنصور الفقيه:
قد كنت أيام كنت مثلكم ... أرى الهلال الخفيّ بالعجله
لو مرّ بي تائهٌ على جمل ... لم أره الآن قلّةً ولا جمله
باب التّواضع والإنصاف
قال رسول الله صلّى الله عليه وسلم ما تواضع عبدٌ لله إلاّ رفعه الله.
وقال صلى الله عليه وسلم: تواضعوا يرفعكم الله، واعفوا يعزكم الله.
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: طوبى لمن تواضع من غير منقصة، وذل نفسه من غير مسكنة، وأنفق مالاً جمعه من غير معصية، طوبى لمن طاب كسبه، وصلحت سريرته، وكرمت علانيته.
انتسب رجلٌ عند رسول الله صلى الله عليه وسلم، حتى بلغ عشر آباء، فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلم: لاحسب إلا في التواضع، ولا نسب إلا بالتقوى، ولا عمل إلا بالنية، ولا عبادة إلا باليقين. وعنه عليه السلام أنه قال: من عظمت نعمة الله عليه فليطلب بالتواضع شكرها، فإنه لا يكون شكوراً حتى يكون متواضعاً.
قال بعض الحكماء: رأس الحكمة طاعة الله، وتقديم حسن النية، وعراها التواضع في الحقّ، والإنصاف في المناظرة، والإقرار بما يلزم من الحجة، وثمرتها حفظ الثواب، في العاجلة، والنجاة في العاقبة، وحقّها العمل بها، وألاّ تمنع من من مستحقها، وأن توقر أوعيتها لوقارها.
قال عمر بن الخطاب رضى الله عنه: ما من أحدٍ إلاّ وفي عنقه حكمةٌ موكل بها ملك، يقول الله به: إن تواضع عبدى فارفعه، وإن ارتفع فضعه.
قال بكر بن عبد الله المزنى: ما أرى امرءًا إلاّ رأيت له الفضل علىّ، لأنّي من نفسى على يقيين، وأنا من النّاس على شك.
قال عبد الله بن مسعود: إن من التواضع الرّضا بالدّون من شرف المجلس، وأن تسلّم على من لقيت.
قال عبد الله بن المبارك: التعزّز على الأغنياء تواضع.
كان يقال: بالتواضع تتمّ النعمة، وبالتكبر تحق النقمة.
كان سليمان عليه السلام يجئ إلى أوضع المجالس بنى إسرائيل فيجلس معهم فيقول: مسكينٌ بين ظهرانى مساكين.
كان يقال: ثمرة القناعة الرّاحة، وثمرة التواضع المحبة.
قال لقمان لابنه: يا بنىّ تواضع للحقّ، تكن أعقل الناس قال أبو الدّرداء: ليس الذي يقول الحق ويفعله بأفضل من الذي يسمعه فيقبله.
قال بعض الحكماء: إذا نسك الشريف تواضع، وإذا نسك الوضيع تكبّر. ولذى الرّمّة الأسدىّ: