للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قال كعب لعمر بن الخطاب رضي الله عنهما: ويل لسلطان الأرض من سلطان السماء، فقال عمر: إلا من حاسب نفسه، قال كعب: والذي نفسي بيده إنها لكذلك إلا من حاسب نفسه ما بينهما حرف. يعني في التوراة.

خرج عمر بن عبد العزيز يوماً، فقال: ما شاء الله! كان الوليد بن عتبة بالشام، والحجاج بالعراق وقرَّة بن شريك بمصر، وعثمان بن حيَّان بالحجاز، ومحمّد بن يوسف باليمن، امتلأت الأرض ظلماً وجورا.

ولعون بن عبيد الله بن عتبة بن مسعود:؟؟ وأوَّل ما نفارق غير شكٍّ نفارق ما يقول المارقونا

وقالوا: مؤمنٌ دمه حلالٌ ... وقد حرمت دماء المؤمنينا

وقالوا: مؤمنٌ من أهل جورٍ ... وليس المؤمنون بجائرينا

وقال أبو العتاهية:

أماوالله إنَّ الظُّلم لؤمٌ ... وما زال المسيء هو الظَّلوم

إلى دياَّن يوم الدّين نمضي ... وعند الله تجتمع الخصوم

ستعلم في الحساب إذا التقينا ... غداً عند الإله من الملوم

وكتب بها مع يحيى بن خالد بن برمك.

قال الشاعر:

إذا جار الأمير وكاتباه ... وقاضي الأرض داهن في القضاء

فويلٌ ثمَّ ويلٌ ثمَّ ويلٌ ... لقاضي الأرض من قاضي السماء

[باب العفو والتجاوز وكظم الغيظ]

قال رسول الله صلّى الله عليه وسلم: " مازاد الله عبداً بعفوٍ إلاَّ عزَّاً ".

وقال صلى الله عليه وسلم: " من لا يرحم لا يرحم، إنما يرحم الله من عباده الرحماء ".

وقال عليه السلام: " مانزعت الرَّحمة إلا من شقيٍّ ".

وقال: " ارحموا ترحموا، واغفروا يغفر الله لكم ".

وعنه صلى الله عليه وسلم قال: " ارحموا من في الأرض يرحمكم من في السَّماء ".

وفي الأثر المرفوع أنه: " ينادي المنادي في بعض مواقف القيامة: ليقم من له عند الله ما يحمد له، فلا يقوم إلاّ من عفا ".

وفي الحديث أيضا: ً " إن الله عفوٌّ غفور يحبُّ العفو عن عباده ".

وقال صلّى الله عليه وسلّم: " أقيلوا ذوي الهيئات زلاّتهم ".

قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: أفضل العفو عند القدرة، وأفضل القصد عند الجدة.

قال سعيد بن المسيب: لأن يخطئ الإمام في العفو خير من أن يخطئ في العقوبة.

قال جعفر بن محمد: لأن أندم على العفو خير من أن أندم على العقوبة.

طلب عبد الملك بن مروان رجلا فأعجزه ثم ظفر به، فقال رجاء بن حيوة: ياأمير المؤمنين! قد صنع الله ما أحببت من ظفرك به، فاصنع ماأحبَّ الله من عفوك عنه.

قال رجل للمنصور حين ظفر بأهل الشام، وقد أجلبوا عليه وخالفوه مع عبد الله ابن علي: الانتقام عدلٌ، والتجاوز فضل، ونحن نعيذ أمير المؤمنين بالله أن يرضى لنفسه بأوكس النصيبين ولا يبلغ أرفع الدرجتين.

كان يقال: أولى الناس بالعفو أقدرهم على العقوبة، وأنقص الناس عقلا من ظلم من هو دونه. قال المهلب بن أبي صفرة: خير مناقب الملوك العفو.

قال المأمون: وددت أن أهل الجرائم عرفوا رأيي في العفو، فسلمت لي صدورهم.

قال معاوية رحمه الله: ماوجدت شيئاً ألذَّ عندي من غيظٍ أتجرعه، ولم يعرف قيمة الأبَّهة من لم يجرعه الحلم غصص الغيظ.

اعتذر رجل إلى الهادي فقال: ياأمير المؤمنين! إقراري بما ذكرت يوجب عليَّ ذنباً لم أجنه، وردِّي عليك لا أقدم عليه لما فيه من التكذيب لك، ولكني أقول:

فإن كنت ترجو في العقوبة راحةً ... فلا تزهدن عند المعافاة في الأجر

فعفا عنه.

قال منصور الفقيه:

وقال نبيُّنا فيما رواه ... عن الرحمن في علم الغيوب

محالٌ أن ينال العفو من لا ... يمنُّ به على أهل الذُّنوب

وقال آخر:

فهبني مسيئاً كالذي قلت ظالماً ... فعفوٌ جميل كي يكون لك الفضل

فإن لم أكن للعفو أهلاً لسوء ما ... أتيت به جهلاً فأنت له أهل

سئل ثعلب عن معنى: فهبني مسيئاً، قال: معناه اعددني مسيئاً.

قال محمّد بن علي بن حسين: من كظم غيظا يقدر على إمضائه حشا الله قلبه إيماناً وروي هذا مرفوعاً إلى النبيّ صلّى الله عليه وسلّم.

ومما ينسب إلى عمرو بن العاص:

وبعض انتقام المرء يزري بعقله ... وإن لم يقع إلاَّ بأهل الجرائم

<<  <   >  >>