للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

على أيِّ بابٍ أطلب الإذن بعدما ... حجبت عن الباب الذي أنا حاجبه

وفي معنى هذا قول الفرزدق:

وكان يجير النّاس من سيف مالكٍ ... فأصبح يبغي نفسه من يجيرها

وقال آخر:

ولست بمتّخذٍ صاحباً ... يقيم على بابه حاجبا

ويلزم إخوانه حقَّه ... وليس يرى حقّهم واجبا

وقال أبو تمام:

هشٌ إذا نزل الوفود ببابه ... سهل الحجاب مهذّب الخدّام

وإذا رأيت صديقه وشقيقه ... لم تدر أيُّهما أخو الأرحام

وقال أبو العتاهية في عمرو بن مسعدة:

ما لك قد حلت عن وفائك واس ... تبدلت يا عمرو شيمة كدره

ما لي في حاجةٍ إليك سوى ... تسهيل إذني فإنها عسره

إّني إذ االباب تاه صاحبه ... لم يك عندي لتركه نظره

لستم ترجَّون للحساب ولا ... يوم تكون السَّماء منفطره

لكن لدنيا تكون بهجتها ... سريعة الإنقضاء منشمره

قد كان وجهي لديك معرفةً ... فاليوم أضحى باباً من النكرة

كتب أبو مسهر إلى أبي جعفر محمد بن عبدكان، وكان قد حجب على بابه:

إني أتيتك للسَّلام أمس فلم ... تأذن عليك لي الأستار والحجب

وقد علمت بأني لم أردَّ ولا ... والله ما ردّ إلاَّ الحديث والأدب

فأجابه محمد بن عبد كان:

لو كنت كافأت بالحسنى لقلت كما ... قال ابن أوسٍ ففي أشعاره أدب

ليس الحجاب بمقصٍ عنك لي أملاً ... إنّ السَّماء ترجّى حين تحتجب

وقال منصور الفقيه:

إن الحجاب عذابٌ ... وليس لي بالعذاب

كلاَّ فلا تعذلوني ... على اتَّصال اجتنابي

وله أيضاً:

إذا كان لا بدَّ من حجبةٍ ... ومن حاجبٍ فاجعلوه رفيقا

يخاطب من جاءه بالجميل ... فيأتي صديقاً ويمضي صديقا

[باب المصافحة وتقبيل اليد والفم]

قال رسول الله صلى الله عليه وسلّم: " تصافحوا يذهب الغلّ ".

وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ": إذا التقى المسلمان وتصافحا تحاتت ذنوبهما كما يتحاتُّ الشَّجر ".

كان رسول الله صلى الله عليه وسلم، إذا صافح رجلاً لم ينزع يده من يده حتى يكون الرّجل هو الذي ينزع يده من يده.

قال أبو مخلد: المصافحة تجلب المحبة.

كان يقال: تحية المؤمنين المصافحة والسَّلام.

قال الشّاعر:

قد يمكث النّاس دهراً ليس بينهم ... ودٌّ فيزرعه التَّسليم والُّلطف

لما حضر رسول الله صلى الله عليه وسلم بني قريظة، وأرادوا النزول على حكم سعد بن معاذ وكان قد تخلف بالمدينة لجرحٍ أصابه بعث إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلما قدم عليه قال للأنصار: " قوموا إلى سيّدكم ".

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " من سرّه أن يمثل له الرجال قياماً فليتبوأ مقعده من النار ".

ومذهب الحديثين أنه جائز للرجل أن يكرم القاصد إليه إذا كان كريم القوم، أو عالمهم، أو من يستحقّ البرّ منهم بالقيام إليه أو يرضى بذلك منهم.

قال ابن المسيّب البغدادي جار ابن الرومي:

أقوم وما بي أن أقوم مذلةٌ ... عليّ وإنّي للكرام مذلَّل

على أنَّها منِّي لغيرك هجنةٌ ... ولكنَّها بيني وبينك تجمل

كان يقال: تقبيل اليد إحدى السجدتين.

تناول أبو عبيدة بن الجراح يد عمر ليقبِّلها، فقبضها، فتناول رجله فقال: ما رضيت منك بتلك فكيف بهذه.!! دخل عقَّال بن شبَّة على هشام بن عبد الملك، فأراد أن يقبِّل يده فقبضها، وقال: مه فإنه لم يفعل هذا من العرب إلا هلوع، ومن العجم إلا خضوع.

قال الحسن: قبلة يد الإمام العدل طاعة.

كان يقال: قبلة الرّجل زوجته الفم، وقبلة الوالد ولده الرأس، وقبلة الأمِّ الولد الخدَّ، وقبلة الأخت الأخ العنق.

قال عليّ بن أبي طالب رضي الله عنه: قبلة الوالد عبادة، وقبلة الولد رحمة، وقبلة المرأة شهوة وقبلة الرجل أخاه دين.

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " العينان تزنيان وزناهما النظر،والفم يزني وزناؤه القبل، واليد تزني وزناؤهما اللمس، ويصدِّق ذلك كله الفرج أو يكذبه ".

<<  <   >  >>