عن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم أنه قال: " خير المال عينٌ ساهرةٌ لعين نائمة ".
وروي عنه عليه السّلام أنه كان يأمر الأغنياء باتّخاذ الغنم، ويأمر المساكين باتّخاذ الدَّجاج. قال مالك بن أنس - رحمه الله -: لما خرج مروان من المدينة مرّ بماله بذي خشب، فلما نظر إليه قال: ليس المال إلا ما أسرجت عليه المناطق.
قيل لابنة الخس: ما تقولين في مائة من المعز؟ قالت: قنىً. قيل: فمائة من الضأن؟ قالت: غنىً قيل فمائة من الإبل؟ قالت: منىً.
وأما قول امرئ القيس:؟ لنا غنمٌ نسوِّقها غزارٌ كأنّ قرون جلَّتها العصيُّ فإنه أراد أنها كانت معزى، لوصفه قرونها بالعصي، وأما قوله:
فتملأ بيتنا إقطاً وسمناً ... وحسبك من غنىً شبعٌ وريُّ
فإنه زعم بعضهم أن، الإقط لا يكون إلا من لبن البقر، وقالوا: المعزى أكثر لبنا، وأكثر سمناً وزبداً.
قال المستورد: الذَّهب والورق حجران، إن تركتهما لم يزيدا، وإن أخذت منهما نفدا، والحيوان كالبقل إن أصابته الشمس ذوى، ولكن المال الأرض والماء.
قال ابن شهاب الزهريّ - رحمه الله - يخاطب أخاه عبد الله:
تتبّع خبايا الأرض وادع مليكها ... لعلّك يوماً أن تجاب فترزقا
وروى النبي صلّى الله عليه وسلم أنه قال: " تسعة أعشار الرزق في التجارة، والعشر في السَّابياء ".
لما بلغ عمر بن الخطاب أن من نزل بالكوفة من الصحابة اتخذوا الضياع وعمروا الأرضين، كتب إليهم: لا تنهكوا وجه الأرض فإن شحمها في وجهها.
ولمابلغه أن عتبة بن غزوان وأصحابه بنوا باللَّبن كتب إليهم: وقد كنت أكره لكم ذلك، فإذا فعلتم فعرّضوا الحيطان، وأرفعوا السُّمك، وقاربوا بين الخشب.
باع رجل رجلاً أرضاً، فقال البائع: أما والله لقد أخذتها شديدة المؤونة قليلة المعونة - يعني الأرض -. فقال المبتاع: والله لقد أخذتها بطيئة الاجتماع سريعة التفرق - يعني الدراهم.
قالوا إذا بعد المال عن موضع ربّه قلت فوائده.
قال الشاعر:
سأبغيك مالاً بالمدينة إنَّني ... أرى عازب الأموال قلت فوائده
أوصى سهل بن حينف، أحد بني عبد الرحمن بن عوف، وكانت أمُّه أنصارية فقال له: إنك احبّ إخوتك إليّ، وإني موصيك بوصية: اعلم أنه لا عيلة على مصلح، ولا مال مع الخرق، واعلم أن خير المال العقل، وخير المال ما أطعمك ولم تطعمه وإن قلّ، واعلم أن الرقيق ليسوا بمال، ولكنهم جمال، واعلم أن الماشية إنما هي مال أهلها، وإن كنت متخذاً من المال شيئاً فمزرعة إن زرعتها انتفعت بها، وإلا لم ترزءك شيئاً. قال: فحفظت نصيحته، فكانت لي أنفع مما ورثت.
ذكر النخل والزّرع عند بعض الأشراف العقلاء فقال: شرينا النخل من فضول غلات الزرع، ولم نشتر الزرع من فضول غلات النخل.
قال الّليث بن سعد: لماا فتتحت إفريقية عجب الناس من كثرة ما أصابوا فيها من الأموال، فسألوا بعض من كان معهم من الأسرى، فبدر إلى شجرة زيتون كانت بين يديه، فأخذ منها عوداً وأراهم إياه، وقال: من هذا جمعنا هذه الأموال نصيب الزيتون فيأتينا أهل البحر والبر، والصحراء والرمل، يبتاعون منا الزيتون، فمن ثمَّ كثرت أموالنا.
قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم لعمرو بن العاص: " هل لك يا عمرو أن أبعثك في جيشٍ يسلّمك الله ويغنمك وأرغب لك رغبة صالحة ".
وروي عن النبي صلى الله عليه وسلّم من حديث المقداد بن معدي كرب، وهو حديث صحيح، أنه قال صلّى الله عليه وسلّم: " ما أكل ابن آدم طعاماً خيراً له من أن يأكل من عمل يده، وكان داود عليه السلام يأكل من عمل يده ".
وكان داود عليه السلام يعمل القفاف الخوص، وقيل كان نوح نجاراً، وكان زكريا نجاراً صلى الله عليهما وسلَّم.
وأجمع العلماء أنّ أشرف الكسب: الغنائم، وما أوجف الله عليه بالخيل والرِّكاب، إذا سلم من الغلول. وقد سمّى الله الجهاد تجارة منجية من عذابٍ أليم.
قال بعض لصوص همدان:
ومن يطلب المال الممنّع بالقنا ... يعيش مثرياً أو تخترمه المخارم
متى تجمع القلب الذكيّ وصارماً ... وأنفاً حميّاً تجتنبك المظالم
وكنت إذا قوم غزوني غزوتهم ... فهل أنا في ذا يا لهمدان ظالم
[باب التجارة]
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " أفضل الكسب عمل اليد، وكلّ بيع مبرور ".