حوائج ما نطيق لها قضاءً ... ولادفعاً وروعات الغريم
كان يقال: الدَّين همٌّ بالليل وذل بالنهار، وإذا أراد الله أن يذل عبده جعل في عنقه ديناً.
وقال آخر:
إنَّ القضاء سيأتي دونه زمنٌ ... فاطو الصَّحيفة واحفظها من الفار
قال كثير بن عبد الرحمن بن أبي جمعة:
قضى كلُّ ذي دينٍ فوفىَّ غريمه ... وعزَّةٌ ممطولٌ معنىً غريمها
أنشدنا الصولي لسليمان بن وهب متمثلا:
من النَّاس إنسانان ديني عليهما ... مليَّان لو شاءا لقد قضياني
خليليّ أمَّا أمُّ عمرو فمنهما ... وأمَّا عن الأخرى فلا تسلاني
[باب الاقتصاد والرفق]
قال الله عزّ وجلّ: " ولا تجعل يدك مغلولةً إلى عنقك ولا تبسطها كل البسط " وقال: " والَّذين إذا أنفقوا لم يسرفوا ولم يقتروا وكان بين ذلك قواماً ".
فهذا أدب الله تعالى.
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلّم: " ماعال من اقتصد ".
كان يقال: ثلاثٌ من حقائق الإيمان: الاقتصاد في الإنفاق، والإنصاف من نفسك، والابتداء بالسلام.
كتب بعض الصالحين إلى بعض إخوانه: كل مارده العقل، وناله الفضل فجميلٌ حسن.
قال عبد الله بن عباس الهدي الصّالح، والسَّمت الحسن، والاقتصاد، جزء من خمسة وعشرين جزءاً من النبوة.
قال رسول الله صلّى الله عليه وسلم: " إن الله يحبُّ الرفق في الأمر كله ".
قال عليه السلام: " ما كان أرفق قط في شيءٍ إلاّزانه، ومن حرم الرفق حرم الخير ".
وقال صلى الله عليه وسلّم: " ماأراد الله بأهل بيت خيراً إلا أدخل عليهم الرفق ولا أراد بهم شرَّاً إلاّ أدخل عليهم الخرق ".
قال عمر بن الخطاب: لا يقل مع الإصلاح شيء، ولا يبقى مع الفساد شيء.
قال المتلمِّس:
وإصلاح القليل يزيد فيه ... ولا يبقى الكثير مع الفساد
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " الرفق يمن، والخرق شؤم ".
سئل بعض العلماء عن السكينة، فقال: هي السكون عما الحركة فيه، والعجلة لا يحمدها الله ولا يرضاها.
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " الأناة من الله، والعجلة من الشيطان ".
لسهل بن هارون في يحيى بن خالد:
عدوُّ تلاد المال فيما ينوبه ... منوعٌ إذا ما منعه كان أحزما
وقال آخر:
عليك بأوساط الأمور فإنَّها ... نجاةٌ ولا تركب ذلولاً ولا صعبا
وقال آخر:
لا تذهبنَّ في الأمور فرطا ... لا تسألنَّ إن سألت شططا
وكن من النَّاس جميعاً وسطا
قال أعرابي للحسن: ياأباسعيد؟؟ علمني ديناً وسوطاً لا ذاهباً فروطاً، ولا ساقطاً سقوطاً. قال له الحسن: أحسنت، خير الأمور أوسطها.
قال محمود الوراق:
إنِّي رأيت الصَّبر خير معوَّلٍ ... في النَّائبات لمن أراد معوَّلا
ورأيت أسباب القنوع منوطةً ... بعرى الغنى فجعلتها لي معقلا
فإذا نبا بي منزلٌ لا يرتضي ... جاوزته واخترت عنه منزلا
وإذا غلا شيءٌ عليَّ تركته ... فيكون أرخص ما يكون إذا غلا
لبعض المتأخرين من البخلاء يوصي ابنه:
إذا ما كنت في بلدٍ غريباً ... وخفت من أن تبوء بغير مال
فلا تبسط يديك وكل قليلاً ... يفوتك كلُّ يومٍ في اعتدال
وذبَّ عن الدَّراهم كلَّ حينٍ ... وكثِّرها وقلِّل في العيال
وقل في كل شيءٍ تشتهيه ... من الأشياء هذا الشَّيء غال
فترك المال للأعداء خيرٌ ... لربِّ المال من ذلِّ السُّؤال
روينا عن نصر بن علي الجهضمي، قال: دخلت على أمير المؤمنين المتوكل فإذا هو يمدح الرفق فأطنب، فقلت: ياأميرالمؤمنين أنشدني الأصمعي في الرفق. فقال هاته يا نصر، فقلت:
لم أر مثل الرِّفق في لينه ... أخرج للعذراء من خدرها
من يستعن بالرِّفق في أمره ... قد يخرج الحيَّة من جحرها
قال سابق:
إنَّ التَّرفُّق للمقيم موافقٌ ... وإذا يسافر فالتَّرفُّق أوفق
لو سار ألف مدجَّجٍ في حاجةٍ ... لم يلقها إلاَّالَّذي يترفَّق
باب السَّفر والاغتراب