سلاماً خالياً من كلِّ شيءٍ ... يعود به الصَّديق على الصَّديق
كان يقال: امش ميلاً وعد عليلا، وامش ميلين وأصلح بين اثنين، وامش ثلاثة أميال، وزر في الله.
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " كان فيمن قبلكم رجل يزور أخاً له في الله بقرية أخرى، فأرصد الله على مدرجه ملكا، فلما انتهى إليه قال له: أين تريد؟ قال: أريد قرية كذا. قال: وما حاجتك فيها؟ قال: زيارة أخ لي في الله. قال: وهل غيرذلك؟ قال: لا قال: فهل عليك من نعمة تربيها، أو تشكرها؟ قال: لا،إلا أنه أحبني في الله فأحببته فيه. قال: فإني رسول الله إليك، مخبرك أنه يحبك كما أحببت فيه ".
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " كنت نهيتكم عن زيارة القبور، ثم أذن لي فيها فزوروها فإنها تذكّر الآخرة، ولا تقولوا هجراً ".
كان سفيان بن عيينة يقول: لا تعمل الأقدام في الزيارة إلاّ إلى أقدارها، وينشد:
فضع الزِّيارة حيث لا يزرى بها ... كرم المزور ولا يعاب الزَّائر
وقال العباس بن الأحنف:
يقرِّب الشَّوق داراً وهي نازحةٌ ... من عالج الشَّوق لم يستبعد الدَّارا
أزوركم لا أكافئكم بجفوتكم ... إنَّ المحبَّ إذا لم يستزر زارا
وقال الأحوص:
وماكنت زوَّاراً ولكنَّ ذا الهوى ... إذا لم يزر لا بدَّ أن سيزور
أزور على أن لست أفقد كلَّما ... أتيت عدوَّاً بالبنان يشير
وقال آخر:
فإنَّي لزوَّارٌ لمن لا يزورني ... إذا لم يكن في ودِّه بمريب
ومستقربٌ دار الحبيب وإن نأت ... وما دار من أبغضته بقريب
وقال آخر:
رأيت تباعد الإخوان قرباً ... إذا اشتملت على الودِّ القلوب
وليس يواصل الإلمام إلاَّ ... ضنينٌ في مودَّته مريب
وقال إبراهيم بن العباس الصولي:
دنت بأناسٍ من تناءٍ زيارةٌ ... وشطَّ بليلى عن دنوٍ مزارها
وإنَّ مقيماتٍ بمنقطع الِّلوى ... لأقرب من ليلى وهاتيك دارها
وأما قول قرم بن مالك:
علام إوايم البخلاء فيها ... فأقعد لا أزور ولا أزار
قال بعضهم: إن معناه علام أستوحش من الناس، وتأول من ذهب هذا المذهب في قول العرب: لولا الأوام هلك الأنام، أي لولا أنس الناس بعضهم ببعض لهلكوا إذا عمتهم الوحشة. وقال آخرون: في قولهم: لولا الأوام هلك الأنام، أي لولا أن بعض الناس إذا رأى صاحبه صنع خيراً تشبه به لهلك الناس، ولبعض أهل العصر:
أزور خليلي ما بدا لي هشُّه ... وقابلني منه البشاشة والبشر
فإن لم يكن هشٌ وبشٌ تركته ... ولو كان في الُّلقيا الولاية واليسر
وحقُّ الذي ينتاب داري زائراً ... طعامٌ وبرٌ قد تقدَّمه بشر
باب العيادة أيضاً
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " عائد المريض في مخرفة الجنة ".
وقال عليه السلام: " عائد المريض يخوض الرحمة، فإذا قعد عنده غمرته ".
قال مالك: أو نحو هذا.
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " من حقِّ المسلم على المسلم أن يسلِّم عليه إذا لقيه، ويعوده إذا مرض ويشمِّته إذا عطس، ويشيِّع جنازته إذا مات ويجيبه لطعامه إذا دعاه ".
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " أفضل العيادة أخفُّها ".
وذكر أبو بكر بن أبي شيبة قال: حدثنا عبد الرحيم بن سليمان عن الحجاج - يعني بن أرطاة - عن المنهال عن عبد الله بن الحارث، عن ابن عبّاس، قال: " من دخل على مريضٍ لم تحضر وفاته، فقال: أسأل الله العظيم، ربَّ العرش العظيم أن يشفيك سبع مرات شفي ".
قال الشاعر:
؟ إن كنت في ترك العيادة تاركاً ... حظِّي فإنِّي في الدُّعاء لجاهد
ولربَّما ترك العيادة مشفقٌ ... وأتى على غلِّ الضّمير الحاسد
وقال آخر:
إذامرضنا أتيناكم نعودكم ... وتذنبون فنأتيكم فنعتذر
وقال عبد الله بن مصعب الزبيري:
مالي مرضت فلم يعدني عائدٌ ... منكم ويمرض كلبكم فأعود
فسمي عائد الكلب.
ولجعفر بن حذار الكاتب:
؟ إنَّ العيادة يومٌ بين يومين ... واقعد قليلاً كلحظ العين بالعين