ما ضر تغلب وائلٍ أهجوتها ... أم بلت حيث تناطح البحران
وقال آخر:
ما يضر البحر أمسى زاخراً ... أن رمى فيه غلام بحجر
وقال جرير:
زعم الفرزدق أن سيقتل مربعاً ... أبشر بطول سلامة يا مربع
وقال آخر:
تهددني لتقتلني نمير ... متى قتلت نمير من هجاها
[باب من نوادر الفلاسفة مختصرة]
قيل لأرسطو طاليس: ما الفلسفة؟ قال: فقر وصبر، وعفاف وكفاف، وهمة وفكرة.
قيل لسقراط: بم فضلت أهل زمانك؟ قال: لأن غرضي في الأكل الحياة، وغرضهم في الحياة أن يأكلوا.
قيل لسقراط: ما أتعب فلاناً بخضاب لحيته؟ فقال: لخوف المطالبة بالحكمة، ولا تطلب إلا من المشايخ.
قال بقراط: أعظم آفة الحيوان الصامت من صممته، وأعظم آفة الحيوان الناطق من نطقه.
قيل لجالينوس: بم فقت أصحابك في علم الطب؟ فقال: لأني أنفقت في زيت السراج لدرس الكتب مثل ما أنفقوا في شرب الخمر.
كتب فيلسوف إلى طبيب: صناعتي أقرب الصناعات من صناعتك؛ لأنك تصلح الأبدان وأنا أصلح النفوس.
قيل لفيلسوف: أين بلغت بك الحكمة؟ قال: إلى الوقوف على القصور عنها.
قال أنوشروان لبزر جمهر: من أدبك؟ قال: قريحتيٍ، نظرت إلى ما استحسنت من غيري فاستعملته، وما استقبحته اجتنبته، ولقد تفقدت من كل شيء محاسنه، فأخذت من الخنزير قناعته، ومن الكلب محافظته، ومن القرد مساعدته، ومن الحمار صبره، ومن الغراب بكوره، ومن السنور لطافة المسألة عند الخوان.
قيل لرجل من الحكماء: لمن أنت أرحم؟ قال: لعالمٍ جاز عليه حكم جاهل.
وقيل له: متى يكون البليغ عييا، والعيُّ بليغاً؟ فقال: إذا وصف حبيباً، وإذا احتج البليغ على محبوب.
قيل للإسكندر: رأيناك تعظم معلمك، أكثر من تعظيمك لأبيك؟ فقال: لأن أبي سبب موتى، ومعلمي سبب حياتي.
نظر حكيم إلى قوم يرمون ولا يصيبون ويسبون الرمى، فجلس في الهدف إلى الغرض، فقيل له: جلست هناك! قال: لأني لم أر موضعا أوقى من هذا.
قيل لبعض الحكماء: متى أثرت فيك الحكمة؟ قال: مذ بدا لي عيب نفسي.
رأى أفلاطون رجلاً معجباً بنفسه، فقال: وددت أن أعدائي مثلك في الحقيقة، وأنا مثلك في ظنك.
كان رجل مصوراً فترك التصوير وتتطبب، فقيل له في ذلك، فقال: الخطأ في التصوير تدركه العيون، وخطأ الطبيب تواريه القبور.
سعى إلى الإسكندر بعض رجاله برجل من أصحابه فقال له: أتحب أن أقبل قولك فيه، على أن أقبل قوله فيك؟ قال: لا. قال: فكف إذاً عن الشر ليكف الشر عنك.
قال الإسكندر لجلسائه: ينبغي للرجل أن يستحي من أن يأتي قبيحاً في منزله من أهله؛ وفي غير منزله ممن يلقاه.
أتى الإسكندر يوماً جاسوس يخبره عن عسكر دارا الفارسي، وأخبره أن فيه خلقاً كثيراً، فقال له: إن الذئب وإن كان واحداً لا تهو له كثرة الغنم.
كان في أصحاب الإسكندر رجل يسمى الإسكندر لا يزال ينهزم في الحرب، فقال له: إما غيرت اسمك، وإما غيرت فعلك.
قيل للإسكندر: قد بسط الله لك في الملك، فأكثر من النساء ليكثر ولدك ونسلك، فقال لا يصح لمن غلب الرجال أن تغلب عليه النساء.
سأل الإسكندر رجلان من خاصته أن يحكم بينهما، فقال: الحكم يرضي أحدكما ويسخط الآخر، فاستعملا الحق ليرضيكما جميعاً.
وقال له أصحابه: قد بسط الله ملكك وعظم سلطانك، فبأي الأشياء أنت أسر: بما نلت من أعدائك، أم بما بلغت من سلطانك؟ قال: كلاهما يسير، وأعظم ما أسر به ما سننت في الرعية من السنن الجميلة والشرائع الحسنة.
قال الإسكندر: ينبغي للرجل إذا صافى مصافياً أن يتوقى مباشرته، ولا يسترسل إليه فيما يشينه.
قال بعض الحكماء لتلاميذه: استعملوا الكذب عند الضرورة كما تستعملون الدواء.
ولما مات الإسكندر قال نادبه: حركنا الإسكندر بسكونه.
أخذه أبو العتاهية فقال:
يا علي بن ثابتٍِ بان مني ... صاحب جل فقده يوم بنتا
قد لعمري حكيت لي غصص المو ... ت وحركتني لها وسكنتا
قال الموبذ بوم مات قباذ: كان الملك أمس أنطق منه اليوم، وهو اليوم أوعظ منه أمس.
أخذ أبو العتاهية هذا المعني، فقال:
وكانت في حياتك لي عظات ... وأنت اليوم أوعظ منك حيا