للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

نسود أقواماً وليسوا بسارة ... بل السيّد المعلوم سلم بن نوفل

أنشد ابن عائشة:

لا يبلغ المجد أقوامٌ وإن كرموا ... حتى يذلوا وإن عزوا لأقوام

ويشتموا فترى الألوان مسفرةً ... لا عفو ذلّ ولكن عفو أحلام

وإن دعا الجار لبوا عند دعوته ... في النائبات بإسراج وإلجام

مستلئمين، لهم عند الوغى زجلٌ ... كأن أسيافهم أغرين بالهام

قال الأصمعي: كان يقال: لا يجتمع عشرة إلاّ وفيهم مقاتل أو أكثر، ويجتمع ألف ليس فيهم حليم.

كان يقال: ثلاثة لا ينتصفون من ثلاثة حليم من سفيه، وبر من فاجر، وشريف من دنئ.

قال الأحنف بن قيس: ما نازعني أحد إلا أخذت في أمره بإحدى ثلاث خصال، إن كان فوقي عرفت له قدره، وإن كان دوني أكرمت نفسي عنه، وإن كان مثلي تفضلت عليه. أخذ هذا المعنى محمود الوراق فقال:

سألزم نفسي الصفح عن كلّ مذنب ... وإن كثرت منه علىّ الجرائم

وما الناس إلا واحد من ثلاثةٍ ... شريفٌ ومثلى مقاوم

فأما الذي فوقي فأعرف فضله ... وألزم فيه الحقّ والحقّ لازم

وأما الذي دوني فإن قال صنت عن ... مقالته نفسى وإن لام لائم

وأما الذي مثلى فإن زلّ أو هفا ... تفضّلت إن الفضل للحرّ حاكم

وقال آخر:

لقد أسمع القول الذّي كاد كلّما ... تذكرّنيه النفس قلبي يصدّع

فأبدي لمن أبداه منّي بشاشةً ... كأنّي مسرورٌ بما منه أسمع

وما ذاك من عجبٍ به غير أنّني ... أرى أن ترك الشرّ للشرّ أقطع

قال الحسن البصرّى: ما سمعت الله عزّ وجلّ نحل عباده شيئاً أقل من الحلم، فقال عزّ وجلّ: " إن إبراهيم لأوّاه حليمٌ "، قال: " فبشرناه بغلام حليم ".

قال العتابيّ:

إذا سرّني دهري قبلت وإن أبي ... أبيت عليه أن أضيق له صدراً

فكم من مسئٍ قد لقيت ومحسن ... فأوسعت ذا حلماً وأوسعت ذا شكراً

قال عمر بن أبي طالب رضى الله: إنّ السّفيه إذا أعرضت عنه اغتمّ، فزده إعراضاً.

كان يقال: يحسن السّيرة يقهر المناوئ، وبالحلم عن السّفيه يكثر أنصارك عليه.

قال الشاعر:

سكت عن السّفيه فظن أبي ... عييت وما عييت عن الجواب

متاركة السّفيه بلا جوابٍ ... أشدّ على السّفيه من العذاب

ولا شئ أحبّ إلى سفيه ... إذا وقع الكريم من السّباب

سبّ الشعبيّ رجل،فقال له:إن كنت كاذباً يغفر الله لك،وإن كنت صادقاً يغفر الله لي.

قال الشعبيّ:الغضب غول الحلم.

قال خالد بن صفوان:شهدت عمرو بن عبيد ورجل يشتمه،فقال:آجرك الله على ما ذكرت من صواب،وغفر لك على ما ذكرت من خطأ، قال:فما حسدت أحداً حسدي عمرو بن عبيد على هاتين الكلمتين.

مرّ الشّعبي بقوم ينتقصونه،فأنشد:

هنيئاً مريئاً غير داءٍ مخامرٍ ... لعزّة من أعراضنا ما استحلت

قال النّابنة الجعديّ:

ولا خير في حلمٍ إذا لم تكن له ... بوادر تحمي صفوه أن يكدّرا

ولا خير في جهل إذا لم يكن له ... حليمٌ إذا ما أورد الأمر أصدرا

وقال آخر:

وفي الحلم والإسلام للمرء وازع ... وفي ترك أهواء الفؤاد المتيمّ

بصائر يرشدن الفتى مستبينةٌ ... وأخلاق صدق علمها بالتعلم

قيل للحصين بن المنذر:بم سدت قومك؟ قال:بحسب لا يطمع فيه،ورأى لا يستغنى عنه.

وذكر السّؤدد عند معاوية بن أبي سفيان،فقال:إنّه لينتقل في اليّ كما ينتقل الظلّ.

قال إياس بن قتادة:

وإن من السّادات من لو أطعته ... دعاك إلى نار يفور سعيرها

قال:كان سفيان بن عيينة يتمثل:

خلت الديار فسدت غير مسوّد ... ومن الشّقاء تفرّدى بالسّؤدد

قال:قال عمر بن عبد العزيز لرجل:من سيّد قومك؟ قال:أنا. قال:لو كنته لم تقله.

قال الشاعر:

وإنّ بقوم سوّدوك لفاقةً ... إلى سيدّ لو يظفرون بسيّد

<<  <   >  >>