للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ولكنَّها خرجت غثَّةً ... كأنك أرعيتها حرملا

فإن قبل الله قربانها ... فسبحان ربِّك ما أعدلا

قال قتادة: يعرف سخف الرجل في سخف هديته. قال ذلك في نعل أهديت إليه.

ولي في هذا:

سخافة المرء تدرى في هديَّته ... والنَّوك والُّلؤم فيها يظهران معا

إنّ اللئيم إذا أهدى هديّته ... أبدى نذالته فيها لمن سمعا

ولخلف الأحمر:

سقى حجَّاجنا نوء الثُّريّا ... على ما كان من بخلٍ ومطل

هم جمعوا النِّعال وأحرزوها ... وسدُّوا دونها باباً بقفل

إذا أهديت فاكهةً وشاةً ... وعشر دجائجٍ بعثوا بنعل

ومسواكين طولهما ذراعٌ ... وعشرٌ من رديء المقل خشل

فإن أهديت ذاك لتحملوني ... على نعل فدقّ الله رجلي

أناسٌ يأنفون لهم رواءٌ ... تغيم سماؤهم من غير وبل

إذا انتسبوا ففرعٌ من قريشٍ ... ولكنّ الفعال فعال عكل

وقال آخر في جار له أتى من الحج لم يهد إليه شيئاً:

عبّاس ما وجهك بالهشِّ ... ولا أبرئك من الغشِّ

لم تهد لي نعلاً ولا مقلةً ... كأنَّما جئت من الحشِّ

ولمنصور الفقيه - يداعب صديقاً يكنى أبا النصر ويسمى فتحاً، قدم من الحج - شعرٌ حسن النظم مليح المعنى، رأيت إيراده لحسنه:

سألت الحجيج وقد أقبلوا ... يؤمُّون مصر من أرض الحرم

فقلت لهم بعد إيناسهم: أفتحٌ بمكَّة أم قد قدم؟

فقالوا: ترحَّل من قبلنا ... لعشر ليالٍ توالت حرم

فقلت بحرمة من زرتم؟ ... أحقّاً تقولون؟ قالوا: نعم

فأقبلت في صرخةٍ منهم ... وقلبي ممّا به يضطرم

أعدِّد آلاءه والجفون ... مسافيح بالدَّمع والدَّمع دم

فصادفني صالحٌ عبده ... فقال: فديتك لم تلتدم؟

وماذا دعاك إلى ما أرى ... فقلت: الحذار على ذي الكرم

أبى نصرٍ البحر من جوده ... إذا المزن ضنّت بصوب الدِّيم

فقال: ألم يأت من جمعةٍ ... فقلت كذبت فأين الأدم؟

وأين القفاف الحسان القدود ... وأقداح جيشان تلك السُّلم

وأين النِّعال وأين الفراء ... وأين البرود وأين البرم

وأين القديد قديد الظِّباء ... وأين الملوَّز مثل العنم

فقال: وحقّك ما جاءنا ... بشيءٍ سوى نفسه فاغتنم

قدوم صديقك واستهده ... حديث الوفود وفود الأمم

إلى البيت يشهدك أخباره ... عجائب عربهم والعجم

فقلت: ألا ليت أخباره ... وناقلها خلف قافٍ ولم

ولخلف بن خليفة الأقطع من بني قيس بن ثعلبة في جار له غاب ثم قدم، ولم يهد له، وكانت بينهما مصافاة:

أتانا أخٌ من غيبةٍ غاب أشهراً ... وكنت إذا ما غاب أنشده الرَّكبا

فجاء بمعروفٍ كثيرٍ فدسَّه ... كما دسَّ راعي السُّوء في حضنه الوطبا

فقلت له: هل جئتني بهديَّةٍ ... فقال: بنفسي. قلت: آثر بها الكلبا

هي الَّنفس لا آسى عليها وإن نأت ... ولا أتمنّى الدَّهر يوماً لها قربا

إذا هي أوفت من ثمانين قامةً ... فلا السَّهل لقَّاها الإله ولا الرَّحبا

أهدى أبو أسامة الكاتب إلى بعض إخوانه في يوم نيروز وسهماً وديناراً ودرهماً، وكتب إليه:

لا زلت كالورد نضير الميسم ... ونافذاً مثل نفوذ الأسهم

في عزّ دينارٍ ونجح درهم

أهدى أبو إسحاق بن هلال الصابي إلى عضد الدولة في يوم مهرجان اصطرلاباً على قدر الدرهم محكم الصنعة وكتب إليه:

أهدى إليك بنو الحاجات واحتشدوا ... في مهرجانٍ عظيمٍ أنت تعليه

لكنّ عبدك إبراهيم حين رأى ... سموّ قدرك عن شيءٍ تساميه

لم يرض بالأرض يهديها إليك فقد ... أهدى لك الفلك الأعلى بما فيه

<<  <   >  >>