فلقد أجمع المسلمون أنه لا يحل الترافع إلا إلى من يحكم بشريعة الإسلام الناسخة لجميع الشرائع، وأنه لا يحل التحاكم إلى غيرها سواء كان الحاكم مسلماً أو كافراً، قال تعالى:{فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ}[النساء: ٦٥]، وقال: {وَمَا اخْتَلَفْتُمْ فِيهِ مِنْ شَيْءٍ فَحُكْمُهُ إِلَى اللَّهِ ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبِّي عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ (١٠)} [الشورى].
وقد ذُكرت لي قصة طريفة تتعلق بهذه المسألة، مفادها باختصار: أن رجلاً من أهل التوحيد كان مبنياً على قبر أبيه قبة، فلما عرف الحق قام بهدمها فخاصمه بعض الجهلة الذين يعظمون تلك القباب، فتحاكم وإياهم إلى قاضٍ نصراني إذ لا يوجد قاضٍ مسلم لأنه في بلد كفر فاحتج عليهم بأن هذه القبة لأبيه وهو أولى به منهم، وبأنه وإياهم يرجعون إلى شريعة واحدة وهي شريعة الإسلام والحكم فيها تحريم البناء على القبور، والأمر بهدمها، فحكم له القاضي النصراني عليهم.
وقد جرى البحث في استثناء حالتين:
الأولى: حالة الضرورة: سئل الشيخ عبدالعزيز بن باز - رحمه الله - عن هذا الموضوع، فقال للسائل: أشير إلى استفتائك المقيد بإدارة