للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

رابعاً: العمل أو الدراسة لدى الكفار

قال ابن بطال في شرحه على ما بوَّب البخاري - رحمه الله - باب (هل يؤاجر المسلم نفسه من مشرك في أرض الحرب؟) وذكر فيه حديث خباب قال: «كُنْتُ قَيْنًا - أي حداداً-، فَعَملتُ للْعَاصِ بْنِ وَائِلٍ فَاجْتَمَعَ لِي عِندَه، فَأَتَيْتُهُ أَتَقَاضَاهُ فَقَالَ: لَا، وَاللَّه لَا أَقْضِيكَ حَتَّى تَكْفُرَ بِمُحَمَّدٍ، فَقُلْتُ: أَما وَاللَّه، حَتَّى تَمُوتَ ثُمَّ تُبْعَثَ فَلَا. قَالَ: وإِنِّي لَميت ثُمَّ مَبْعُوثٌ؟ قَالَ: نَعَمْ .. الحديث» (١).

قال المهلب: "كره العلماء أن يؤاجر المسلم نفسه من مشرك في دار الحرب أو دار الإسلام؛ لأن في ذلك ذلة للمسلمين، إلا أن تدعو إلى ذلك ضرورة، فلا يخدمه فيما يعود على المسلمين بضر، ولا فيما لا يحل مثل عصر خمر، أو رعاية خنازير، أو عمل سلاح أو شبه ذلك، فلا يصح لمسلم أن يهين نفسه بالخدمة لمشرك إلا عند الضرورة، فإن وقع ذلك فهو جائز، .... ألا ترى أن خباباً عمل للعاص بن وائل وهو كافر، وجاز له ذلك" (٢).

قال المهلب: "كره أهل العلم ذلك إلا لضرورة بشرطين، أحدهما أن يكون عمله فيما يحل للمسلم فعله، والآخر أن


(١) برقم (٢٢٧٥).
(٢) فتح الباري (٦/ ٤٠٣).

<<  <   >  >>