للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

لا يعينه على ما يعود ضرره على المسلمين، قال ابن المنير: استقرت المذاهب على أن الصناع في حوانيتهم يجوز لهم العمل لأهل الذمة، ولا يعد ذلك من الذلة، بخلاف أن يخدمه في منزله، وبطريق التبعية له. والله أعلم، والمقصود بالتبعية أن يكون ذليلاً عنده" (١).

قال ابن قدامة: "فإما إن أجر نفسه منه في عمل معين في الذمة، كخياطة ثوب جاز بغير خلاف نعلمه، لأن علياً أجر نفسه من يهودي يستقي له كل دلو بتمرة، وأخبر النبي - صلى الله عليه وسلم - بذلك فلم ينكره، وكذلك الأنصاري ولأنه عقد معاوضة لا يتضمن إذلال المسلم ولا استخدامه فأشبه مبايعته، فإن أجر نفسه منه لغير الخدمة مدة معلومة جاز" أ هـ (٢)

والخلاصة: أن إجارة المسلم نفسه للكافر ثلاثة أنواع:

إجارة على عمل في الذمة، فهذه جائزة، الثانية إجارة للخدمة، فهذه الصحيح فيها المنع؛ لأن إجارة الخدمة تتضمن حبس نفسه على خدمته مدة الإجارة، وذلك فيه نوع إذلال للمسلم وإهانة له تحت يد الكافر، فلم يجز كبيع العبد المسلم له، قال تعالى: {وَلَنْ يَجْعَلَ اللَّهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلًا (١٤١)} [النساء]. الثالثة إجارة عينه منه لغير الخدمة، فهذه جائزة، كما حدث لخباب - رضي الله عنه - مع العاص بن وائل وهو كافر، فقد عمل قيناً عنده كما تقدم.


(١) فتح الباري (٤/ ٤٥٢).
(٢) المغني (٦/ ٣٩).

<<  <   >  >>