الكافرة من غير إكراه عليها بل طلباً من المتجنس أو موافقة على قبولها صورة من صور الردة عن الإسلام عياذاً بالله، وخروجاً عن سبيل المؤمنين ودخولاً في معية الكافرين؛ الذين حذرنا الله تعالى منهم ومن اتباع سبيلهم، والمقام بين أظهرهم، وموالاتهم والركون إليهم، كما دلت على ذلك النصوص السابقة.
ثم ختم حفظه الله البحث في هذه المسألة بقوله:(والذي يظهر بعد عرض أدلة المختلفين وردَّها إلى الكتاب والسنة والمقاصد المرعية المعتبرة، أن مذهب المحرِّمين هو الصحيح، وأدلتهم قوية سالمة من المعارض المساوي فضلاً عن الراجح.
إلا أنه قد تعتري المسألة أحوال وملابسات تبيح التجنس لضرورة ملجئة فتقدَّر بقدرها، وغنيٌّ عن البيان أن الكلام ليس على من تجنَّس رغبة في الكفر وتفضيلاً لأحكامه واعتزازاً وافتخاراً بتلك الجنسية، ولا الكلام عمّن يتجنس لتحصيل مصالح دنيوية ليست ضرورية، بل غايتها أن تكون من التحسينيات؛ فالأول مرتد قطعاً، ولا يتوقف في هذا عالم، والثاني على خطر عظيم وهو ممن استحبَّ الحياة الدنيا على الآخرة، ويشمله قوله تعالى: {قُلْ إِنْ كَانَ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ وَإِخْوَانُكُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ وَأَمْوَالٌ اقْتَرَفْتُمُوهَا وَتِجَارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسَادَهَا وَمَسَاكِنُ تَرْضَوْنَهَا أَحَبَّ إِلَيْكُمْ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَجِهَادٍ فِي سَبِيلِهِ فَتَرَبَّصُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ (٢٤)} [التوبة].